أفترض أن الناس تراؤا الهلال، ما رأوا الهلال، وهو بالفعل موجود طالع الهلال؛ لكن بوسائلهم الله -جل وعلا- لا يكلف نفساً إلا ما آتاها، ما رأوا الهلال، ثم بعد ذلك ليلة تسعة وعشرين رؤي الهلال، إحنا أخطأنا؟ ما أخطأنا، سلكنا الوسائل الشرعية التي أمرنا بها شرعاً، كوننا أصبنا أو أخطأنا أبداً لا إشكال في هذا، وليس في هذا أدنى إشكال، ولله الحمد.
يعني أفترض مثل ما قوله في الحديث الصحيح: ((إنما أنا بشر)) وهو مؤيد بالوحي ((إنما أحكم على نحو ما أسمع)) يحكم بوسائل شرعية، أخطأت هذه الوسائل الشرعية النتيجة صحيحة، من حيث الحكم صحيحة؛ لكن يبقى أنه لو عرف المحكوم له أن وسيلته التي أثبت بها الحق ليست شرعية، عرف ما يخفى على القاضي مثلاً، جاء بشهادة زور، ووثق الشهود عند القاضي، ليس له أكثر من هذا، النتيجة صارت غير صحيحة؛ لأن الوسيلة غير صحيحة؛ لكن يبقى أن الحكم صحيح؛ لأن الوسائل شرعية، فيتناوله الوعيد ((فإنما أحكم له بقطعة من نار، فليأخذها أو ليدعها)) يبقى أن القاضي لا إشكال عنده، ولا إثم عليه إلا إذا فرط، ويبقى أن الثاني -المحكوم عليه- عليه أن يرضى ويسلم، وأن المحكوم له بشهادة غير صحيحة، يتفق الله، عليه أن يتقي الله -جل وعلا-، وخوطب بنصوص خاصة، ويبقى أن الوسائل صحيحة، والنتائج تخرج صحيحة ظاهراً، أما الباطن هو الذي يتولاه الله -جل وعلا-، فنحن مأمورون بما ركب فينا.
والمراد بالرؤية رؤية العين المجردة، لسنا بمطالبين أن نوجد مراصد ولا درابيل ولا غيرها؛ لكن لو وجدت هذه الأمور، ورؤي من خلالها ما نقول: أن هذه ما هي برؤية، هي رؤية، رؤية عين لكنها عين بواسطة، لا يمكن أن توجد هذه المراصد والهلال ما هو موجود، إنما هي زيادة احتياط، وإلا فالأصل أننا لا نكلف غير العين المجردة، كوننا نحتاط ونزداد من الاحتياط في هذا الباب وندعو المراصد والدرابيل هذا لا بأس به، لكن مع عدمها لا يترتب حكم العدم، فالمسألة مفترضة مع عدم هذه الوسائل.
طالب:. . . . . . . . .