ولو نظرنا في زادنا زاد طلاب العلم من الكتب مثلاً، تجد أرخص ما يباع في الأسواق القرآن، الناس كلهم مضطرون إليه، ثم بعد ذلك الأهم فالأهم، ثم إذا طلعنا إلى الترف، يعني كتب الأدب أغلى من كتب التفسير، كتب التاريخ أغلى من كتب الحديث، وهكذا إلى أن تطلع إلى إيش؟ الأمور التي يمكن أن يستغني طالب العلم عنها، الرحلات، هذه أغلى ما يوجد في الأسواق، الذكريات، مواد غالية جداً في الأسواق، ومع ذلك طالب العلم ليس بحاجة إليها، يعني هي كمال من باب المتعة فقط، أما الفائدة في الكتاب والسنة -والحمد لله- هذا من نعم الله -جل وعلا- أن يسر للناس ما يضطرون إليه.
ولذا ملحظ عمر -رضي الله تعالى عنه- التخفيف في الحنطة والزيت؛ لأن الناس كلهم يحتاجونها، بينما القطنيات والكماليات والأمور التي تخف الحاجة إليها يزاد في تعشيرها، وهذا تقدم قبل ورقتين أو ثلاث، نعم تقدم يقول -نعم قبل ثلاث ورقات-، وفرق هناك بينها، يقول: "قال مالك: وقد فرق عمر بن الخطاب بين القطنية والحنطة" فيما أخذ من النبط، تجار من النصارى لما قدموا المدينة، ورأى أن القطنية كلها صنف واحد، فأخذ منها العشر، وأخذ من الحنطة والزبيب، وهناك قال: الزيت، نصف العشر ترغيباً لهم للجلب إلى المدينة، وعرفنا مأخذ هذا.
"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد أنه قال: كنت غلاماً" يعني شاباً "عاملاً مع عبد الله بن عتبة بن مسعود" أخي عبد الله بن مسعود، أو ابن أخي عبد الله بن مسعود "على سوق المدينة في زمان عمر بن الخطاب فكنا نأخذ من النبط العشر" وظاهره العموم، في كل ما يباع من القطنيات والضروريات، لكن يخصص بما سبق، أو أنه يفعل هذا تارة وهذا تارة، يعني قد تكون الحنطة كثيرة في المدينة مثلاً، ثم يجلبها النبط، ولا داعي للتخفيف فيها، لوجودها ووفرتها يأخذ عليها العشر كامل، بهذا الأثر.