هل عائشة قالت للقاسم بن محمد: مر على عمر، أو هي تخبر القاسم بن محمد أن عمر مر عليه في زمن مضى ما هو بالآن؟ تخبر "مر على عمر بن الخطاب بغنم من الصدقة فرأى فيها شاة حافلاً" يعني مجتمع لبنها في ضرعها، ذات ضرع عظيم، ثديها ملآن من الحليب "فقال عمر: ما هذه الشاة؟ فقالوا: شاة من الصدقة، فقال عمر -رضي الله تعالى عنه-: ما أعطى هذه أهلها وهم طائعون" يعني افترض -رضي الله تعالى عنه- أسوأ الاحتمالات، ما يقول: الأصل في المسلم أنه تجود نفسه بما يطلب منه، لا، يقول: ما أعطى هذه أهلها وهم طائعون، فتوقع عمر -رضي الله تعالى عنه- أن صاحبها مظلوم بأخذ هذه، وهي من الكرائم، ولذا جاء في حديث بعث معاذ: ((إياك وكرائم أموالهم، واتقِ دعوة المظلوم)) لأن من يؤخذ منه أكثر مما أوجب الله عليه يكون مظلوم، طيب ما دام عمر توقع أنه مظلوم هل أمر بردها؟ ما أمر بردها؛ لاحتمال أن يكون عمر -رضي الله تعالى عنه- توقع أن جميع المال بهذه الصفة، والزكاة تؤخذ منه.

"ما أعطى هذه أهلها وهم طائعون، لا تفتنوا الناس" مثل هذا التضييق على الناس لا شك أنه يجعلهم يكرهون ما أوجب الله عليهم، بل يحمل بعضهم على البخل بما أوجب الله عليهم، جاء الساعي وأخذ الكرائم، في السنة القادمة يضطر صاحب المال أن يخفي هذه الكرائم، أو إذا قيل له -ثقة به-: كم عدد ماشيتك؟ قال: مائة وهي ألف؛ لأنه في العام الماضي دافعاً أكثر مما أوجب الله عليه، فيحاول يسدد ما دفعه في العام الماضي من هذه السنة، هذه فتنة، الأصل في المسلم أنه يقبل على ما أمر به شرعاً بنفس مطمئنة مرتاحة منساقة، مشتاقة، ويدفع ما أوجب الله عليه دون تردد، لكن إذا حصل أنه يظلم لا شك أن هذا يحمله على بعض التصرفات التي لا تحمد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015