الزكاة الواجبة في الأموال التي بلغت أنصبتها، والتي فيها من الحكم والمصالح من نفع الفقير، ونفع الغني أيضاً؛ لأنها طهرة له ولماله، ونمو له ولماله، وهي أيضاً تنفع الفقير.
من الصحابة من يرى أنه لا يجب في المال غير ما أوجبه الله -جل وعلا- مما ذكر، هذا في الظروف العادية، في أوقات الشدائد والمجاعات لا يجوز للمسلم أن يبيت شبعان وجاره جائع، هذا في أوقات المجاعات، في الظروف العادية لا يجب سوى الزكاة عند جماهير أهل العلم، وهو القول المعتبر في المسألة، لكن الصحابي الجليل أبو ذر له رأي، وهو أنه لا يجوز للمسلم أن يدخر ما زاد على قوته وحاجته، إنما يدفعه إلى غيره؛ لأن المال مال الله {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [(33) سورة النور] ما دام المال ليس ملكاً للإنسان، بل هو مال الله، جاره محتاج، دعونا من الضرورات، الضرورات لا يجيز أحد من أهل العلم أن يضطر المسلم وأخوه عنده مال، ضرورة يعني تفضي بحياته إلى الوفاة، لكن الحاجة عند أبي ذر القدر الزائد على الكفاية يدفع، ولذا كثرت الكتابات حول رأي أبي ذر، وتبناه كثير من المفتونين، ممن أعجب بالمذاهب الباطلة والهدامة من الشيوعية والاشتراكية، وما أشبه ذلك، وكتبوا مؤلفات عن اشتراكية الإسلام، وعن أبي ذر الاشتراكي الزاهد، هؤلاء الذين يتتبعون مثل هذه الزلات، ولا شك أن رأي أبي ذر معارض بالنصوص، ومعارض بقول الأكابر من الصحابة، ولذا نفي -رضي الله تعالى عنه وأرضاه-، اجتهاد منه، هو اجتهاد، نفي، ومات وحيداً بالربذة، ولما نفاه عثمان إلى الشام، ثم نفاه معاوية ورجع إلى المدينة، واجتمع الناس حوله، نفي إلى الربذة حتى مات فيها.
المقصود أن هذا القول وإن كان القائل صحابياً جليلاً إلا أنه معارض بالنصوص، وأقوال من هو أكثر منه صحبة للنبي -عليه الصلاة والسلام-، وأعلم منه، فلا يلتفت إليه، أما باب التنفل والبذل في سبيل الله في جميع وجوه البر هذا مفتوح، وجاء الحث عليه بالنصوص الكثيرة، المسألة في إلزام الناس بغير لازم، نعم.
أحسن الله إليك.
حدثني يحيى عن مالك أنه قرأ كتاب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في الصدقة قال: فوجدت فيه: