استدل الحنفية على أن وقت صلاة العصر يضيق عليها وتؤخر إلى مصير ظل الشيء مثليه بمثل هذه الأمة مع الأمم السابقة: ((إنما مثلكم ومثل من قبلكم من الأمم كمثل رجل استأجر أجيراً إلى منتصف النهار بدينار، ثم استأجر أجيراً آخر إلى وقت صلاة العصر بدينار، ثم استأجر آخر إلى غروب الشمس بدينارين)) فالأجير الذي عمل إلى منتصف النهار هذا مثل اليهود، والأجير الثاني الذي عمل إلى وقت صلاة العصر هذا مثل للنصارى، والذي عمل إلى غروب الشمس هم المسلمون بدينارين، فاحتج اليهود والنصارى فقالوا: "نحن أكثر عملاً وأقل أجراً" ولا يكون النصارى أكثر عمل إلا إذا قلنا: إن العصر يبدأ من مصير ظل الشيء مثليه، يستدلون بمثل هذا في مقابل النصوص الصحيحة الصريحة، يعني هل في الحديث ما يدل على أن وقت صلاة الظهر نعم لا يكون أطول من وقت صلاة العصر إلا إذا امتد إلى مصير ظل الشيء مثليه؟ حتى على القول بأن وقت صلاة الظهر ينتهي بمصير ظل الشيء مثله، نعم هو أطول من وقت صلاة العصر في كل عصر وفي كل مصر، حتى على قول الجمهور، فليس للحنفية في هذا أي مستمسك، يعني لو نظرنا إلى اليوم مثلاً كم يستغرق وقت صلاة الظهر من الوقت؟ من اثنا عشر إلا ربع إلى ثلاث إلا ربع، طيب كم ساعة؟ ثلاث ساعات، والعصر من ثلاث إلا ربع إلى خمس وخمس، ساعتين وثلث، والتقويم ماشي على القول بأن وقت صلاة العصر يبدأ من مصير ظل الشيء مثله وهكذا، لذا ابن حزم يرد عليهم بقوة، ويقول: حتى على القول بأن وقت صلاة الظهر ينتهي بمصير ظل الشيء مثله ففي كل عصر وفي كل مصر يكون وقت صلاة الظهر أطول، يعني مع إبعادهم وإنجاعهم في الدليل والاستدلال إلا أنه لا يتم لهم أيضاً الاستدلال بهذا.