. . . المقصود أن مثل هذه الألفاظ التي تأتي منسوبة إلى الشارع في محل خلاف طويل بين أهل العلم، ونص على أحد القولين يعني كأنها تركيب، نعم، كأنها تأتي تركيب، فتكون بألفاظ الفقهاء أشبه منها بألفاظ النبوة، نعم، المقصود أننا ننظر ماذا يقول الشيخ والنتيجة فيما بعد.

يقول: ويؤيد ما ذكر من توثيق عافية المذكور أن ابن الجوزي مع سعة اطلاعه، وشدة بحثه عن الرجال؛ قال: إنه لا يعلم فيه جرحاً.

وأما الآثار الدالة على ذلك: فمنها ما رواه الإمام مالك في الموطأ -المرفوع يعني ما فيه إلا هذا الحديث- عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن عائشة زوج النَّبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها لهن الحلي، فلا تخرج من حليهن الزكاة، وهذا الإسناد عن عائشة في غاية الصحة كما ترى.

ومنها ما رواه مالك في الموطأ أيضاً عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يحلي بناته وجواريه الذَّهب، ثم لا يخرج من حليهن الزكاة؛ وهذا الإسناد عن ابن عمر -رضي الله عنهما- في غاية الصحة أيضاً كما ترى.

وما قاله بعض أهل العلم من أن المانع من الزكاة في الأول أنه مال يتيمة، وأنه لا تجب الزكاة على صبي، كما لا تجب عليه الصلاة مردود بأن عائشة ترى وجوب الزكاة في أموال اليتامى، يعني كما في الخبر الذي سيأتي، فالمانع من إخراجها الزكاة كونه حلياً مباحاً على التحقيق؛ لا كونه مال يتيمة، وكذلك دعوى أن المانع لابن عمر من زكاة الحلي أنه لجوار مملوكات؛ وأن المملوك لا زكاة عليه مردود أيضاً بأنه كان لا يزكي حلي بناته مع أنه كان يزوج البنت له على ألف دينار يحليها منها بأربعمائة، يعني عشرين نصاب، يحليها منها بأربعمائة، ولا يزكي ذلك الحلي، وتركه لزكاته لكونه حلياً مباحاً على التحقيق.

ومن الآثار الواردة في ذلك ما رواه الشافعي، قال: أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار سمعت رجلاً يسأل جابر بن عبد الله عن الحلي فقال: "زكاته عاريته" يعني ما دام جابر يقول: بأنه لا زكاة فيه، والحديث الذي يرفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- لا زكاة في الحلي، يعني يشم منه رائحة الوقف، وأنه من قوله واجتهاده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015