"جلس على المقاعد، فجاء المؤذن فآذنه" الإذن غير الأذان، المؤذن أذن ليُعلم الناس بدخول الوقت، ثم يأتي فيؤذنه، فالخلفاء محتاجون إلى الإذن بعد الأذان؛ لما كانوا فيه من الشغل في أمور المسلمين، يغفل الإنسان، الإنسان يسمع الأذان، ثم يغفل ينشغل، فيؤذن يعني يخبر بأن الإقامة قربت "فجاء المؤذن فأذنه بصلاة العصر، فدعا بماء فتوضأ، ثم قال: ولله لأحدثنكم حديثاً لولا أنه في كتاب الله ما حدثتكموه" لولا أنه كذا عند مالك لولا أنه، وتفسير الإمام مالك الذي عقب به الخبر يدل على أنه يقصد، يعني ما وهم فيها، لولا أنه في كتاب الله ما حدثتكموه، ولذلك أورد بعد الخبر الآية: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [(114) سورة هود] هذا تأويل مالك، فيكون مفاد الخبر في كتاب الله، لولا أنه يعني ما يدل عليه هذا الحديث موجود في كتاب الله، يقول: ما حدثتكم، والذي في البخاري: لولا أية في كتاب الله ما حدثتكم، قال عروة كما في الصحيح: والآية: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ} [(159) سورة البقرة] ما دام عنده خبر يؤثره عن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يجوز له كتمانه، فبذل العلم ونشر العلم فرض، فرض كفاية وقد يتعين على الشخص إذا لم يقم به غيره، فلولا هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ} [(159) سورة البقرة] ما اخبر عثمان -رضي الله عنه- بهذا الخبر؛ لأنهم يتحرزون، ويشددون في الرواية عن النبي -عليه الصلاة والسلام- مخافة أن يزل اللسان أو يخطئ الفهم بشيء ما قاله النبي -عليه الصلاة والسلام-، فيقعون في الوعيد الشديد، أهل تحري وتثبت، ولولا هذا الوعيد الوارد في الآية ما حدث {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ} [(159) سورة البقرة] والذي عندنا في الكتاب: "لولا أنه في كتاب الله" يعني مفاد الحديث أنه موجود في كتاب الله، وسنرى مطابقة الآية لمضمون الحديث.