"وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي)) " "بالغداة والعشي" يقول ابن التين: يحتمل أن يراد بالغداة والعشي غداة واحدة وعشية واحدة، يعرض عليه مرة واحدة، مرة واحدة بالغداة ومرة واحدة بالغشي، ولا يكرر ذلك كل غداة وكل عشي، ويحتمل أن يريد كل غداة وكل عشي، وهو محمول على أنه يحيا في هذا الوقت ليدرك، يعني الاحتمال الأول أو الثاني؟ غداة واحدة وعشية واحدة، وهذا .. ، أو الثاني كل غداة وكل عشية؟ كما قال الله –جل وعلا- في حق فرعون وقومه: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} [(46) سورة غافر] يعني كل يوم نسأل الله العافية {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} [(28) سورة الكهف] يعني مرة واحدة؟ في أعمارهم مرة واحدة وإلا كل غداة وكل عشي؟ هذا الذي يظهر، وهو المتبادر، ومحمول على أنه يحيا ليدرك ذلك، وهذا غير ممتنع بالنسبة للقدرة الإلهية، يقول القرطبي: يجوز أن يكون العرض على الروح فقط، والمراد بالغداة والعشي وقت الغداة ووقت العشي، وإلا فالموتى لا صباح عندهم ولا مساء، ظلام في ظلام ((إن كانوا من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كانوا من أهل النار فمن أهل النار)) يعرض على هذا ويعرض على هذا، هذا مقعده من الجنة وهذا مقعده من النار، نسأل الله السلامة والعافية، وهذا في حق النوعين المؤمن والكافر واضح، لكن في حق المخلط يعرض عليه مقعده من الجنة لأن مآله إلى الجنة أو يعرض عليه مقعده من النار لا سيما إن كان ممن كتب الله له أن يدخل النار؟ المخلط تحت المشيئة إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه، فهل يقال لمن كتب الله له أن يعذب يعرض عليه مقعده من النار الذي يعذب فيه أو تعرض عليه الجنة أو يتوقف في أمره؟ والتوقف هو الأحوط؛ لأن الحديث في حق من كان من أهل الجنة ومن كان من أهل النار وهذا متوقف فيه تحت المشيئة، فيتوقف في حكمه، ثم الحديث مخصوص بغير الشهداء؛ لأنهم أحياء وأرواحهم تسرح في أجواف طير خضر، تسرح في الجنة، وفي الحديث إثبات عذاب القبر، وأن الروح لا تفنى بفناء