"نعى النجاشي للناس" أي أخبرهم بموته، والنعي جاء ذمه، وهنا يراد بالنعي مجرد الإخبار أي أخبرهم بموته ومجرد الإخبار إخبار الأهل والأقارب وخواص الرجل ومعارفه وأهل الصلاح هذا مشروع؛ لأنه ترجى إجابة دعوتهم له هذا مشروع إخبارهم بذلك مجرد إخبار من غير أن يصحب الإخبار شيء أخر، والحالة الثانية: دعوة الناس الجفلا كل الناس يدعون للصلاة عليه من أجل المفاخرة، أقاربه وذووه وتلاميذه مثلاً وأتباعه يدعون الناس كلهم للصلاة على فلان ليقولوا: إنه صلى على والدنا عشرة آلاف عشرين ألف وهكذا، وكذلك لو فعله الأتباع ليبينوا للناس أن شيخهم أو متبوعهم أفضل من فلان أو علان للمفاخرة، صلى على شيخنا أكثر ممن صلى على ... ، وهكذا، هذا مكروه عند أهل العلم، ولا زاد الأمر عن ذلك لما بعد تحريمه، أما الإعلام المقرون بالنياحة وما أشبهها هذا حرام بلا شك، والنعي الموجود في الجاهلية والذي جاءت النصوص بمنعه هو يصحبه رفع صوت، وذكر محاسن، ووقوف من جمع غفير في أبواب السكك والطرقات ألا أن فلان ابن فلان الفاعل التارك الذي كذا وكذا قد مات، هذا النعي، ما يذكر في الصحف من الأخبار الأمور بمقاصدها إذا أعلن الأولاد عن موت أبيهم وفي ذهنهم أنه يحضر من له أو عليه حق له ممن لا يمكن إبلاغهم مباشرة هذا مقصد صحيح، وإذا كان القصد بذلك المفاخرة والمكاثرة هذا له حكم، وإن اقترن بذلك ذكر محاسن وإطراء ومبالغات هذا أيضاً له حكم، فالأمور بمقاصدها، في اليوم الذي مات فيه في رجب سنة تسع وإن كان على النحو الذي يذكر في كتب التراجم عند أهل العلم ومثل ما قلنا سابقاً: الأمور بمقاصدها، إذا كان ذكر محاسنه للمفاخرة بهذه المحاسن هذا هو النعي المنهي عنه، وإن كان القصد من ذكر محاسنه الإفادة من مؤلفاته والانتفاع بمنهجه وطريقته وليستفيد الناس مما يمكن الإفادة منه فهذا شيء حسن هذا كلام الإمام أحمد -رحمه الله-: بيننا وبينكم الجنائز، وهذا شي مشاهد، إذا مات شخص من أهل العلم اجتمع الناس الجموع الغفيرة للصلاة عليه، وإذا مات مبتدع ما يجد من يصلى عليه، نعم بدون إعلان، القلوب بيد الله -جل وعلا-، الناس لا يساقون بالقوة إلى الصلاة على فلان أو علان، لكن قد يرد على