وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه أخبره أن مسكينة مرضت فأخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمرضها، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعود المساكين، ويسأل عنهم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا ماتت فآذنوني بها)) فخرج بجنازتها ليلاً فكرهوا أن يوقظوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم أصبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخبر بالذي كان من شأنها، فقال: ((ألم أخبركم أن تؤذنوني بها؟ )) فقالوا: يا رسول الله كرهنا أن نخرجك ليلاً ونوقظك، فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى صف بالناس على قبرها وكبر أربع تكبيرات.
وحدثني عن مالكِ أنه سأل ابن شهاب عن الرجل يدرك بعض التكبير على الجنازة ويفوته بعضه فقال: يقضي ما فاته من ذلك.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: التكبير على الجنائز" التكبير على الجنائز أختلف السلف في عدد التكبيرات، ففي صحيح مسلم عن زيد بن أسلم: ((كبروا خمساً)) ورفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وعن ابن مسعود أنه صلى على جنازة فكبر عليها أربعاً، وكان يكبر على أهل بدر ستاً، وعلى الصحابة خمساً، وعلى سائر الناس أربعاً، وللبيهقي عن أبي وائل كانوا يكبرون على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبعاً وخمساً وستاً وأربعاً، فجمع عمر -رضي الله عنه- الناس على أربع، قال ابن عبد البر: انعقد الإجماع على أربع، وعليه فقهاء الأمصار، معنا في الباب حديثان، الأول حديث النجاشي، والثاني حديث المرأة المسكينة، الأول يمثل علية القوم ملك، والثاني يمثل مساكين المسلمين، وهذا الملك كبر عليه أربعاً، وهذه المسكينة كبر عليها أربعاً، فكأن عمر -رضي الله عنه- نظر إلى الأمرين فجمع الناس على أربع تكبيرات، وأخذ به فقهاء الأمة، أخذ بهذا الاجتهاد من عمر-رضي الله عنه- فقهاء الأمة، واجتهاد عمر في هذه المسألة له نظائر، اجتهادات مصيبة وموفقه لها أصلاً في الشرع، وتسندها العمومات.