وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما من داعٍ يدعو إلى هدى إلا كان له مثل أجر من اتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، وما من داعٍ يدعو إلى ضلالة إلا كان عليه مثل أوزارهم لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً)).
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "اللهم اجعلني من أئمة المتقين".
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن أبا الدرداء -رضي الله عنه- كان يقوم من جوف الليل فيقول: "نامت العيون، وغارت النجوم، وأنت الحي القيوم".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى -: "باب: العمل في الدعاء"
"حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن دينار قال: رآني عبد الله بن عمر وأنا أدعو وأشير بأصبعين أصبع من كل يد فنهاني"، فنهاني، يشير بالإصبعين، بيديه كلتيهما، بسبابتيه، فنهاه عن ذلك لأنه ينافي التوحيد، لا أقول: إنه شرك لكن المطلوب التوحيد، والإشارة إلى التوحيد بأصبع واحدة، فالواجب في الدعاء الأصل فيه إما أن يكون برفع اليدين، وتواترت الأحاديث في ذلك، وفي الباب أكثر من مائة حديث في رفع اليدين في الدعاء جمعت في رسائل مستقلة، فإما أن يكون برفع اليدين، والله -جل وعلا- يستحيي أن يرد عبده إذا رفع يديه صفراً، يعني خاليتين، إما أن يكون باليدين وبسطهما علامة للتضرع والرغبة إلى الله -جل وعلا-، وقد ورد إنكار رفع اليدين، لكنه قول شاذ، أثر عن بعض السلف أنه قال لشخص رافعاً يديه: "ثكلتك أمك من تتناول بهما" ولعله رآه بالغ في رفع اليدين، حتى كأنه يتناول شيئاً بعيداً، فقال له ذلك، وإلا فالأصل في رفع اليدين الثبوت القطعي من فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- وقوله، مفهومه أنه لا يرده خائباً، لا يرده خائباً، لا بد من .. {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [(60) سورة غافر] والإجابة إما أن تكون بعين ما طلب، أو أن يدخر له نظيره في الجنة، أو يدفع عنه من السوء ما يقابله.
أما مسح الوجه باليدين بعد الدعاء فلا يثبت، فيه حديثان ضعيفان لا تقوم بهما حجة، إن لم يكن الدعاء برفع اليدين فليكن بالإشارة بأصبع واحدة على معنى التوحيد، قاله الباجي.