يقول ابن عيينة: "لا يمنعن أحداً الدعاء، لا يمنعن أحداً الدعاء ما يعلم من نفسه من التقصير" لأن بعض الناس يمتنع من الدعاء لأنه يعرف أنه مقصر في حق الله -جل وعلا-، فلا ينبغي أن يمتنع بسبب تقصيره، نعم على الإنسان أن يتواضع وأن يكون خائفاً وجلاً من ذنبه وتقصيره، وأن يكون أيضاً خائفاً من عدم قبول عمله وإن كان صالحاً، ومع هذا الخوف يوسع الرجاء في الله -جل وعلا-، ويحسن الظن بربه، يحسن الظن بربه ولا يصل به الحد إلى أن يقنط وييأس؛ لأن القنوط من رحمة الله لا يجوز، واليأس من روح الله لا يجوز حرام، بل يحسن الظن بربه -جل وعلا-.
شخص يتعبد سبعين سنة، سبعين سنة في العبادة ويقول: إنه لا يسأل الله الجنة، يخجل أن يسال الله الجنة وهذه عبادته، بل يكتفي أن يستعيذ به من النار، هذا موجود، لا يسأل الجنة، يخجل؛ لأن عمله لا يناسب، ولا يكفي، وعلى أسلوب العوام لا يواجه أن يطلب به الجنة، يقول: يكفيه أن يستعيذ بالله من النار، لا شك أن هذا استحضار لعظمة الله -جل وعلا-، لكنه من وجه آخر فيه زيادة في الخوف، وفيه شيء من اليأس، لكن مع ذلك على الإنسان أن يسأل الله الجنة، ويستعيذ به من النار.
يقول ابن عيينة: "لا يمنعن أحداً الدعاء ما يعلم من نفسه من التقصير، فإن الله -جل وعلا- قد أجاب دعاء شر خلقه -وهو إبليس- حين قال: رب أنظرني إلى يوم يبعثون"، أجاب الله دعائه، فعلى الإنسان أن يسعى في إصلاح عمله، وأن يجتنب ما نهي عنه، ويصدق ويلح في الدعاء، ويتوسط في أمره، لا يزيد جانب الرجاء بحيث يأمن من مكر الله، ولا يزيد جانب الخوف بحيث ييأس ويقنط من رحمة الله.