قبل، قبل، الآية أولها، {جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ} [(73) سورة القصص]، الليل لتسكنوا فيه، والنهار لتبتغوا من فضله، هذا الأصل، هذا الأصل أن الليل سكن والنهار معاش، ليبتغى من فضله بطلب الرزق، لكن كثير من الناس عكس، جعل الليل هو وقت السعي، والنهار هو وقت النوم.

((وجاعل الليل سكناً، والشمس)) هاه؟ ويش عندكم الشمس ويش عليها؟ ((والشمسِ والقمرِ)) معطوف إيش؟ على الليل، والعطف على نية تكرار العامل، يعني: وجاعل الشمس والقمر ((حسباناً)) وجاعل الشمسِ والقمرِ حسباناً، أي حساباً، كما في قوله -جل وعلا-: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} [(5) سورة يونس]، يعني اتصور أنه لا فرق بين ليل ولا نهار، الصفة واحدة كلها إما شمس وإما ظلام، كيف نعرف الحساب؟ كيف نعرف ابتداء اليوم من نهايته؟ {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} [(5) سورة يونس]، بهذا نعرف، والحساب والحسبان بمعنى واحد، هذه مقدمات، فيها من الثناء ما فيها، ثم جاء طلب الحاجة، فينبغي للداعي أن يقدم بين يديه من عبارات الثناء ما يكون سبباً في قبول دعائه.

((اقضِ عني الدين)) والمراد ديون الخلق، وديون الخالق، ودين الله حق أن يقضى، ((وأغنني من الفقر)) الفقر الذي يشغل الإنسان عما خلق من أجله وهو العبادة، أو الذي يلجئه إلى تكفف الناس وسؤالهم، هذا استعاذ منه النبي -عليه الصلاة والسلام-، وطلب الغنى منه، وليس المراد به الغنى الذي يطغي الإنسان ويشغله عما خلق له، ((وأمتعني بسمعي)) لما في ذلك من التنعم بسماع ما ينفع، ((وبصري)) لما فيه من رؤية ما يسر، ورؤية المخلوقات بالتدبر والاعتبار، وأيضاً للتمكن من النظر في المصحف، ورؤية كلام الله -جل وعلا- وقراءته، ((وقوتي)) واحدة القوى، ويروى: ((قوني)) من القوة، ((وقوني في سبيلك)).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015