ثم قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الرحمن بن أبي بكر" بلغه هذا موصول في صحيح مسلم من طرق كثيرة "أن عبد الرحمن بن أبي بكر دخل على عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم مات سعد بن أبي وقاص فدعا بوضوء" يعني دعا بماء يتوضأ به "فقالت له عائشة: يا عبد الرحمن" هل لهذا الوضوء وهذا الدخول علاقة بموت سعد؟ إما أن يكون عبد الرحمن احتاج الوضوء، وحينئذٍ لا يلزم أن يكون هناك ارتباط بين موت سعد بن أبي وقاص وبين هذا الوضوء، وإما أن يكون توضأ ليصلي ليستعين بالصلاة على هذه المصيبة {وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ} [(45) سورة البقرة] لا شك أن مثل موت هذا الصحابي الجليل الذي شُهد له بالجنة مصيبة يستعان عليها بالصبر والصلاة، كما أمر الله -جل وعلا-، ولا يبعد أن يكون هذا هو المراد، وعلى كل حال هو دعا بوضوء "فقالت له عائشة: يا عبد الرحمن أسبغ الوضوء" يعني بحيث تغسل ما أمرت بغسله، ولا تترك منه شيئاً مع إمرار ما يكفي من الماء للعضو "فإن سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((ويل للأعقاب من النار)) " أسبغ الوضوء وإسباغ الوضوء أتمامه واستيعاب العضو المأمور بغسله أو مسحه بالماء "فإن سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((ويل للأعقاب من النار)) " الويل جاء تفسيره بأنه الهلاك أو الحزن والمشقة كما في النهاية لابن الأثير، وجاء أنه كلمة عذاب أو وادٍ في جهنم، كما روى الترمذي من حديث أبي سعيد، والأعقاب: جمع عقب، مؤخر القدم، والحديث له سبب، جاء النبي -عليه الصلاة والسلام- والناس قد أرهقتهم صلاة العصر، يعني ضاق وقتها يعني وقتها الاختياري، فجاء النبي -عليه الصلاة والسلام- ووجدهم يتوضئون، وكأنه لاحظ عليهم عدم الإسباغ، لا سيما في العقب، فقال لهم: ((ويل للأعقاب من النار)) ثلاثاً، فلا بد من إيصال الماء إلى جميع العضو المفروض غسله ((ويلٌ للأعقاب من النار)) فهذا يدل على أن العقب لا بد من غسله، وهو مؤخر القدم، وهل المتوعد العقب أو صاحبه الذي قصر في غسله؟ يعني ويل للعقب نفسه أو ويل لصاحب هذا العقب لتقصيره في غسله؟ يعني يتصور هذا؟ ((ويلٌ للأعقاب من النار)) إذا قارناه بما تحت الكعبين من