يأتي بالوحي، ولسنا بحاجة إلى أن نقول: أين القدر الزائد لأن جبريل عظيم الخلق له ستمائة جناح يسد الأفق فأين ذهب هذا الزائد؟ تكلموا فيه كلاماً طويلاً، لكن القدرة الإلهية تجعل الجسم الكبير صغيراً والعكس، ولسنا بحاجة إلى أن نقول: هل انعدم بالكلية أو اختفى بحسب النظر أو ما أشبه ذلك، لسنا بحاجة إلى مثل هذا.
((يتمثل)) قد يستدل به من يقول بجواز التمثيل، بجواز المثيل، لكن ليس فيه دليل على جوازه؛ لأن هذا التمثل بأمر الله -جل وعلا-، هذا التمثل بأمر الله -جل وعلا-، وأما التمثيل فهو: خروج بصورة تخالف الواقع، والذي يخالف الواقع سواءً كان قولاً أو فعلاً يدخل في حيز الكذب، عاد مسألة كونه يترتب عليه مصلحة أعظم منه أو غير ذلك من الأمور التي تحتف به، ويقرر بعضهم جوازه المقصود أنه ينبغي أن يترك، ينبغي أن يترك؛ لأنه أقل أحواله بأنه خلاف الواقع، وبعضهم يقول: المبالغات خلاف الواقع، المقامات خلاف الواقع، وغير ذلك، المقصود في مسائل كثيرة، المناظرات بعضها خلاف الواقع، لكن على حسب ما يترتب على ذلك من مصلحة تكون المفسدة فيها مغمورة قد يتجه ذلك وإلا فلا، وعلى كل حال أقل ما فيه مخالفة الواقع، ولسنا بحاجة إليه، ففي ديننا -ولله الحمد- من الوسائل التي نعلم بها طلاب العلم، وندعو بها من نريد دعوته ما يغنينا عن مثل هذه الأمور المحدثة.
((يتمثل لي الملك رجلاً)) منصوب بالمصدرية، أي مثل رجل، أو التمييز، أو الحال، والتقدير على هيئة رجل، ((فيكلمني فأعي ما يقول)) يعني إذا كان رجل، ند لند الأمر سهل، لكن إذا اختلف الجنس هذا من بني آدم وهذا ملك ما في شك، لا شك أن هذا المفاهمة تصعب، ولذا قال: ((وهو أشده علي)) لكن إذا جاء على هيئة رجل وحصل الأنس به لا شك أن الفهم عنه يكون أقرب، وجاء في وصف هذا النوع وإنه لا .. ، أخف الوحي هناك أشده علي، وهذا أخف الوحي.