على هذا الخير العظيم، خير عظيم لا تقوم له الدنيا بحذافيرها، فالتفريط فيه حرمان وخسران وبوار، فعلى من حفظ القرآن أن يتعهده ويكثر من النظر فيه، وأن يراجع حفظه لئلا ينساه.
يقول بعد ذلك: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الحارث بن هشام المخزومي" أخو أبي جهل شقيق، أسلم يوم فتح، وكان من فضلاء الصحابة، استشهد في فتوح الشام، "سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، "عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الحارث بن هشام سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" سأل، أن الحارث سأل، يعني هل هذا متصل أو منقطع؟ نعم، يعني هل عائشة حضرت السؤال؟ يقول ابن حجر: "هكذا رواه أكثر الرواة عن هشام بن عروة فيحتمل أن تكون عائشة حضرت ذلك، وعلى هذا اعتمد أصحاب الأطراف، فأخرجوه في مسند عائشة -رضي الله عنها-، ويحتمل أن يكون الحارث أخبرها بذلك، فيكون الخبر من مراسيل الصحابة، وهو محكوم بوصله عند الجمهور، وفي المسند ما يدل على ذلك عن عائشة عن الحارث، عن عائشة عن الحارث، وكونها تقول: إن الحارث، وفي رواية المسند: "عن الحارث" هذه رواية الصحيحين: "أن الحارث"، ورواية المسند: "عن الحارث" نستحضر في هذا ما قاله ابن الصلاح من أن السند المؤنن ليس حكمه حكم السند المعنعن، وعزا ذلك إلى الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة؛ لأنه فهم من كلامهما في قصة النظير هذه، أنه لما سيقت أن فلان، أن عماراً مر بالنبي -عليه الصلاة والسلام- قال: منقطعة، في الرواية الأخرى: عن عمار أنه مر بالنبي -عليه الصلاة والسلام- متصلة، فقال: إن مرد ذلك لاختلاف الصيغة، فإذا اختلفت الصيغة فلا تحمل (أن) على الاتصال كـ (عن)، وليس المراد، ليس حقيقة الحال كما زعم، ولذا قال الحافظ العراقي:
. . . . . . . . . ... كذا له ولم يصوب صوبه
إنما مرد ذلك أنه في قوله: إن فلاناً يحكي قصة لم يشهدها، كما هنا أن الحارث بن هشام سأل مع أن الاحتمال وارد أنها حضرت السؤال، نعم، وفي قوله: (عن) يحكي القصة عن صاحبها فتكون متصلة.