لكن ما يفتح المجال لسائر الناس أن يجرئوا على غيرهم ويدعوا الغيرة، لكن من عُرف بها يعذر كعمر -رضي الله عنه-، "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أرسله)) " يعني: أطلقه، دعه، "ثم قال: ((اقرأ يا هشام)) فقرأ القراءة التي سمعته يقر أ" فقرأ القراءة التي سمعته يقرأ، "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((هكذا أنزلت)) "، ((هكذا أنزلت))، "ثم قال لي: ((اقرأ)) فقرأتها فقال: ((هكذا أنزلت)) "، لا شك أن القراءة التي يسمعها الشخص لأول مرة يستنكرها، لا سيما في القرآن، الشخص الذي حفظ حديث النعمان: ((الحلال بين والحرام بين)) في صغره من الأربعين على رواية واحدة وضبطها وأتقنها تأتيه الروايات الأخرى: ((المشتبهات))، ((المتشابهات))، ((المشبهات))، ((المشابهات)) يستنكر، نعم، فكيف بالقرآن؟ إذا سمع القراءة على غير ما اعتاد، لا سيما إذا كان ممن لا يستوعب مثل هذا الخلاف، ولذا عوام المسلمين لا ينبغي أن يقرأ عليهم القرآن بالقراءات؛ لأنه يشككهم، يشككهم، إذا كان هذا هو عمر -رضي الله عنه- مع ما عرف عنه من رسوخ قدمه في الإسلام حصل له ما حصل، فكيف بغيره؟ ولذا الذي يقرأ بالقراءات وهو إمام، الصلاة صحيحة، لكن يبقى أن عوام المسلمين تشكيكهم فيه خطر عظيم عليهم، لا سيما أن هذا يعرضهم للشك في كتابهم الأصل، الذي لا يجوز الشك فيه ولا الامتراء، ولذا أجمع الصحابة بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- على حرف واحد، غيرة على القرآن، أن يحصل فيه الامتراء والشك، وهذه القراءة التي أجمعوا عليها هي التي استقر عليها الأمر في العرضة الأخيرة؛ لئلا يقول قائل: إنهم تصرفوا وألغوا شيئاً كان موجوداً في عهده -عليه الصلاة والسلام-، الأحرف السبعة سيأتي الكلام فيها، والحاجة إليها في أول الأمر داعية؛ لأن القرآن نزل على ناس لغاتهم ولهجاتهم متباينة، وأسنانهم أيضاً مختلفة منهم من يذل لسانه بالكلمة من أول وهلة، ومنهم من يصعب عليه إلا بلغته ولهجته، لما ذلت ألسنتهم استقر الأمر على العرضة الأخيرة، وأجمع الصحابة على كتابته هكذا، على خلاف في المراد بالأحرف السبعة، ستأتي الإشارة إليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015