وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الحارث بن هشام سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أحياناً يأتيني في مثل صلصلة الجرس، وهو أشده علي، فيفصم عني وقد وعيت ما قال، وأحياناً يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول)) قالت عائشة -رضي الله تعالى عنها-: "ولقد رأيته ينزل عليه في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقاً".
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: "أنزلت عبس وتولى في عبد الله بن أم مكتوم، جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجعل يقول: يا محمد استدنيني، وعند النبي -صلى الله عليه وسلم- رجل من عظماء المشركين، فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يعرض عنه ويقبل على الآخر، ويقول: ((يا أبا فلان هل ترى بما أقول بأسا؟ )) فيقول: لا، والدماء ما أرى بما تقول بأساً، فأنزلت عبس وتولى أن جاءه الأعمى".
وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يسير في بعض أسفاره وعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يسير معه ليلاً فسأله عمر عن شيء فلم يجبه، ثم سأله فلم يجبه، ثم سأله فلم يجبه فقال عمر: "ثكلتك أمك عمر نزرت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبك، قال عمر: فحركت بعيري حتى إذا كنت أمام الناس وخشيت أن ينزل في قرآن، فما نشبت أن سمعت صارخاً يصرخ بي قال: فقلت: لقد خشيت أن يكون نزل في قرآن، قال: فجئت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسلمت عليه، فقال: ((لقد أنزلت علي هذه الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس)) ثم قرأ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا} [(1) سورة الفتح])).