فعلى كل حال الخبر أصل في كتابة العلم وتحصينه في الكتب، وأصل في صحة الراوية على وجه المناولة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- دفعه إليه وأمره به فجاز له العمل به والأخذ بما فيه، والرواية بالمناولة معروفة عند أهل العلم إحدى طرق التحمل الصحيح عند أهل العلم؛ لأن طرق التحمل الثمان: السماع من لفظ الشيخ هذا الأصل، يليها: العرض الذي هو القراءة على الشيخ، ثم المناولة: يكتب كتاب ويناوله إياه، ثم المكاتبة، ثم الإجازة المجردة عن المناولة، والمقصود بالمناولة مع الإذن بالرواية؛ لأن المناولة إن خلت عن الإذن فهي باطلة وإن قيل بصحتها.
وإن خلت عن إذن المناولة ... قيل تصح والأصح باطلة
هذا إذا خلت عن الإذن، لكن إذا اقترنت به فهي أقوى من الإجازة المجردة، ثم بعد ذلك: المكاتبة والوصية، والإعلام والوجادة، طرق التحمل ثمان، وتفصيلها ليس هذا محله، لكن هذا فيه المناولة، كتب الكتاب ثم ناوله إياه، وهذا الخبر صحيح.
يقول مالك -رحمه الله تعالى-: "ولا يحمل أحد المصحف بعلاقته" هل يشك أحد أن الإمام مالك لا يجيز لمن أحدث أن يمس المصحف؟ نعم، معروف مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة لا يجوز مس المصحف بغير طهارة، وماذا عن مالك؟ مالك مذهبه أشد، نعم، يقول مالك: "ولا يحمل أحد المصحف بعلاقته" علاقته ما يحمل به وهو الخيط الذي يربط به غلافه كيسه، "ولا على وسادة إلا وهو طاهر" لكن الحمل بالعلاقة لا يجوز عند الإمام مالك وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: لا بأس به.
في صحيح البخاري -رحمه الله تعالى- في باب: قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض، في باب: قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض، وكان أبو وائل يرسل خادمه وهي حائض، الخادم من يتولى الخدمة من ذكر أو أنثى، يرسل خادمه وهي حائض إلى أبي رزين فتأتيه بالمصحف فتمسكه بعلاقته، ثم أورد الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- بسنده حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يتكئ عليها، يتكئ في حجرها وهي حائض ثم يقرأ القرآن.