(قد) وتدخل على الماضي للتحقيق، وتدخل على المضارع وقد تكون للتقليل، وقد تكون للتحقيق أيضاً، وقد تكون للتكثير {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ} [(18) سورة الأحزاب] هذا تحقيق وليس بتقليل، وهنا تحقيق ينكر الجهمي هذا، يعني الرؤية، ينكر رؤية الباري، والذي ينكر الرؤية ولا يستطيع أحد أن يتألى على الله -جل وعلا- لا سيما والمسألة مسألة كبيرة، إنكار الرؤية كُفروا بسببها، كُفر الجهمية بسببها، إضافة إلى تكفيرهم بالقول بخلق القرآن.
مثل هذا الذي ينكر الرؤية الذي يغلب على الظن -والعلم عند الله تعالى- أنه يُحجب عنه، ومن ينفي الصفات عموماً على خطر عظيم؛ لأن الله -جل وعلا- في الموقف يتجلى لخلقه بغير صفته التي أنزلها في كتابه وعلى لسان نبيه -عليه الصلاة والسلام- ثم يقولون: لست ربنا، ثم يتجلى لهم بصفته فيسجدون، نعم أنت ربنا، فالذي ينكر الصفات ماذا يصنع في هذا الموقف؟ الذي ينكر الصفات ماذا يصنع؟ كيف يعرف الرب -جل وعلا- وهو لا يعترف بشيء من صفاته؟ إذا كان الجزاء من جنس العمل، الذي يشرب الخمرة في الدنيا لا يشربها في الآخرة، الذي يسمع الغناء في الدنيا لا يسمع غناء الحور العين، وهذه في أمور يسيرة وسهلة بالنسبة لما يتعلق بالله -جل وعلا-، فالذي ينفي رؤية الباري خليق وجدير بأن يحجب عنه، والذي ينكر الصفات كيف يعرف ربه إذا تجلى له في صفاته التي جاءت عنه وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام-؟ فالمسألة ليست سهلة.