هذا القحطاني في نونيته، وكلام السلف وأئمة الإسلام في معاملة المبتدع كلام كثير في هذا الباب، والتشديد في النكير عليهم؛ لأن المخالفة في الابتداع أعظم بكثير من المخالفة في المعاصي التي سببها الشهوة، أما ما كانت المخالفة فيه بسبب الشبهة فأمره أشد، هذا الأصل، وإن كان يوجد فيما يسمى بالفروع أو المعاصي من الذنوب الكبائر ما هو أعظم من البدع الخفيفة عند أهل العلم، لكن الكلام إجمالاً البدع أشد من الذنوب عند أهل العلم، لكن يوجد من الذنوب ما هو أشد من بعض البدع، والتفصيل معروف، وأهل العلم يقررون أن توبة العاصي قريبة بخلاف المبتدع قليلة توبة المبتدع، ولا يعرض نفسه للتوبة؛ لأنه يرى أنه على حق، والشيطان يسول له ويملي له أنه هو الذي على الحق؛ لأن مقالته مبنية على شبهة، لوثت تفكيره، وغطت عقله عن سماع الحق، وعن قبول الحق والإذعان للحق، فمثل هذا توبته أبعد ممن أقدم على الذنب وهو يعرف أنه ذنب وأنه مخالف، أما المبتدع فهو يقدم على هذه المخالفة الشنيعة وهو يظن أنه محق، يحسب أنه يحسن صنعاً، فمثل هذا لا يتوب، نعم تاب جمع منهم، لكن المسألة أغلبية، وبعض الفرق عُرف واشتهر وشاع أن الأمل فيهم ضعيف، وبعضها الأمل فيه قوي، والذي في تقديري أن الذي أشاع هذه الإشاعة هم أهل الفرقة أنفسهم، شيوخهم ومراجعهم؛ لماذا؟ لئلا يتصدى أحد لدعوتهم، إذا كان ميئوس من رجوعهم وتوبتهم فدعوتهم إهدار للوقت وإضاعة بدون جدوى، فالذي يغلب على الظن أنها من تلقائهم، من شيوخهم المرتزِقة الذين يستفيدون ويكتسبون من وراء اعتناقهم لهذا المذهب، وإلا فالشواهد تدل على أنهم منهم من يتوب، نعم قليل الذي يتوب، لكن يوجد من يتوب، فالصد عن دعوتهم بهذه الطريقة مكر شيطاني، وخديعة شيطانية، وإلا ما على الإنسان إلا أن يبذل السبب، كونه يعود أو يرجع هذا ليس إليه، يبذل السبب ويحرص على هداية الناس، لكن النتائج بيد الله -جل وعلا- كما تقدم في الهداية {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [(56) سورة القصص] نعم؟
طالب:. . . . . . . . .