شيخ الإسلام -رحمه الله- يقول: هذه بدعة لغوية، في اقتضاء الصراط، والشاطبي يقول: مجاز وليس بحقيقة، يعني ليس من باب استعمال اللفظ فيما وضع له، هذا ليس بحقيقة؛ لأنه لا يرى من البدع شيئاً يُمدح، بل شدد في هذا الباب -رحمه الله-، والتشديد في هذا الباب هو المطلوب؛ لأن التساهل فيه يجر إلى ما لا تحمد عقباه؛ لأن الإنسان إذا تساهل في مسألة دعته إلى ما بعدها، ومن نظر في تاريخ البدع والمبتدعة يجد أن الأصول التي انبثقت عنها هذه البدع أمور يسيرة، تجد خلاف يسير بين اثنين، بين شيخ وطالب من طلابه، بين زميل وزميله، أمور لا تكاد تذكر، ثم بعد ذلك كل واحد منهما ينتصر لنفسه، ثم يلزم أحدهما بلوازم فيلتزم هذه اللوازم، من باب أخذ العزة بالإثم، الانتصار للنفس، وعدم الانهزام أمام الخصم، يلتزم بهذه اللوازم، ثم يضطر أن يقول ما يؤيد به هذه اللوازم، فيشتد أمرها، ثم بعد ذلك يرد عليه مسألة ما حسب لها حساب، فإذا انتقضت، وأذعن بأنها منتقضة نقض أصله الذي بنى عليه، ثم يلتزم هذه المسألة لئلا ينتقض عليه أصله، إلى أن يصل إلى حد بحيث يتكلم بكلام لا يقوله المجانين فضلاً عن عامة الناس، فضلاً عن من ينتسب إلى العلم، فضلاً عن من له عناية بكتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، السيئة تقول: أختي أختي، وإذا تساهل الإنسان في أول الأمر في كلمة أو في مسألة تساهل فيما بعدها، ولا يعني هذا أن الإنسان يشدد ويتشدد على نفسه أو على غيره من غير أصل من كتاب وسنة، لا، الدين يسر، لكن يبقى أن الدين عزيمة، الأصل فيه، لا يتساهل في دينه إلى أن ينسلخ منه ولا يشعر، إذا تساهل في مقدمات تساهل في نتائج، وهناك طوام تفوه بها رؤوس المبتدعة، ما وصلوا إليها إلا بعد مراحل، يعني من بيتصور أن هناك شخص يشهد أن لا إله إلا الله، ويقول: سبحان ربي الأسفل، لكن قال قبلها عشرات الكلمات إلى أن وصل إلى هذا الحد، ومن يبي يتصور أن شخص يقول: "ألا بذكر الله تزداد الذنوبُ" والله -جل وعلا- يقول: {أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [(28) سورة الرعد] يقول: "وتنطمس البصائر والقلوبُ" -نسأل الله السلامة والعافية-.