الحديث في رواية الْمُدَلِّس: فإذا صَرَّحَ فِي الرِّواية بالسماع قُبِل؛ وإذا لم يُصَرّح بالتَّحدِيثِ وأتى فيه بلفظ مُحْتَمَلٍ مثل: "عَنْ" أو "قَالَ" أو "أَنْ"، فلا يُقْبَل.

ومثاله: مَا أَخْرَجَه أَبُو دَاوُدَ فِي السنن فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ قَالَتْ: كَانَ بَيْتِي مِنْ أَطْوَلِ بَيْتٍ حَوْلَ الْمَسْجِدِ وَكَانَ بِلالٌ يُؤَذِّنُ عَلَيْهِ الْفَجْرَ فَيَاتِي بِسَحَرٍ فَيَجْلِسُ عَلَى الْبَيْتِ يَنْظُرُ إِلَى الْفَجْرِ، فَإِذَا رَآهُ تَمَطَّى ... الحديث. (?)، الإسناد فيه مُحَمَّد بْن إِسْحَاقَ وهو مُدَلِّس وَصَفَهُ بِذَلكَ جَمَاعةٌ من

نقاد الحديث، ولَمْ يُصَرِّح هنا ابْنُ إِسْحَاقَ بالسَّماع ممن فوقه فِي الإسنادِ وهو مُحَمَّد بْن جَعْفَرِ، فلا يُقْبل حتَى يُصَرِّح بالتَّحدِيث مِنْ شَيخِهِ.

وأمَّا النَّوْعُ الثَّانِي تَدْلِيس الشُّيوخِ أو الأسْمَاءِ: وهو أَنَّ الرَّاوي الْمُدَلِّس لاَ يُسْقِطُهُ أَيِّ يَعْنِي شيخه؛ لَكِنْ يَصِفْ أَوْصَافَهُ بِمَا بِهِ لاَ يَنْعَرِفْ، أَيِّ أَنَّ الرَّاوي يَصِف شَيخه بأوصافٍ لم يُشْتَهر بِهِا مِنْ اسمه أو كُنْيَتِه أو نَسَبِه أَو لقبه، والمقصود من ذلك إيهام السَّامع أَنَّ الشَّيخ الذي يَرْوِي عَنْهُ غير المعروف لدى السَّامِع فَيُظَن التَّعَدُّد والتَّكثّر ولا تَعَدُّد، ومثاله: رَوَى ابنُ جريجٍ - وهو مُدَلِّس - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى الأَسْلَمِيّ وهو ضَعِيف جِدًا، فَكَان يَقُولُ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَطَاءٍ! وأَبُو عَطَاء جَده. ومن تدليس الأسماء تدليس البُلدان كذلك، مِثل أَنْ يَقُولَ الرَّاوي حَدَّثَنِي فُلانٌ بالْمَدِينةِ وهو يَعْنِي الْمَدِينةَ التي يَسْكُن فِيهَا.

فائدةٌ دَقِيقةٌ:

لَمْ يَذْكُر النَّاظم الْمُرسَل الْخَفِيّ، وهو: أَنْ يَرْوِي الرَّاوي عَمَّن عَاصَرهُ أو لَقِيهُ ولَمْ يَسْمعْ منه، ومثاله: رواية قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَر - رضي الله عنهم -، وَقَتَادَةُ بْنُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015