تعاهد ما تحمله أكثر مما يجب على الأول، لأنه إذا لم يتعاهده فسوف يُنسى ويضيع.
فإن قال قائل هل للنسيان من علاج أو دواء؟
قلنا: نعم له دواء - بفضل الله - وهي الكتابة، ولهذا امتن الله عز وجل على عباده بها فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الاَْكْرَمُ الَّذِى عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} . [العق: 1 - 4] . فقال "اقرأ" ثم قال: {الَّذِى عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} يعني اقرأ من حفظك، فإن لم يكن فمن قلمك، فالله تبارك وتعالى بين لنا كيف نداوي هذه العلة، وهي علة النسيان وذلك بأن نداويها بالكتابة، والآن أصبحت الكتابة أدقُّ من الأول، لأنه وجد - بحمد الله - الآن المسجِّل.
وقوله: "عن مثله".
أي أنه لابد أن يكون الراوي متصفاً بالعدالة والضبط، ويرويه عمن اتصف بالعدالة والضبط.
فلو روى عدل عن فاسق، فلا يكون حديثه صحيحاً، وكذا إذا روى إنسان عدل جيد الحفظ، عن رجل سيء الحفظ، كثير النسيان، فإن حديثه لا يقبل، ولا يكون صحيحاً، لأنه لم يروه عن رجل ضابط مثله.