بناء على أنه هل الأصل في الإنسان العدالة، أو الأصل فيه عدم العدالة؟
فمن قال: إن الأصل العدالة، أخذ بالعدالة.
ومن قال: إن الأصل عدم العدالة، أخذ بالجرح، وردَّ روايته.
وفصَّل بعضهم فقال: يقبل منهما ما كان مفسراً، والمفسَّر مثل أن يقول: المعدل الذي وصفه بالعدالة: هو عدلٌ، وما ذكر فيه من الجرح فقد تاب منه، مثل: أن يُجرح بأنه يشرب الخمر.
فيقول الذي وصفه بالعدالة: هو عدل وما ذُكرَ عنه من شْرب الخمر فقد تاب منه. إذاً نُقدِّم المفسَّر، لأنه معه زيادة علم، فقد علم أنه مجروح بالأول، ثم زال عنه ما يقتضي الجرح.
وإن كان الأمر بالعكس بأن قال الجارح: هذا الرجل ليس بعدل، لأنه مدمن على شرب الخمر، ففي هذه الحالة نقدِّم الجارح.
وإن لم يكن أحدهما مفسِّراً، أو فَسَّرا جميعاً شيئاً عن الراوي، فهنا نقول: إن كان الجرح أو التعديل غير مفسر، فينبغي أن نتوقف إذا لم نجد مرجحاً، فالواجب التوقف في حال هذا الرجل.
وليُعلم أن بعض علماء الحديث عندهم تشدد في التعديل، وبعضهم عندهم تساهل في التعديل.
يعني أن بعضهم من تشدده يجرح بما لا يكون جارحاً.
ومنهم من يكون على العكس فيتساهل فيعدَّل من لا يستحق التعيدل، وهذا معروف عند أهل العلم، فمن كان شديداً في الرواة فإن تعديله يكون أقرب للقبول ممن كان متساهلاً، وإن كان الحق أن يكون الإنسان قائماً بالعدل لا يشدد ولا يتساهل، لأننا إذا تشددنا فربما نرد حديثاً صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلّم، بناء على هذا التشدد، وكذا ما إذا تساهل الإنسان، فربما ينسب حديثاً إلى النبي صلى الله عليه وسلّم، وهو لم يصحّ ثبوته إليه