إيه، نعم، هذه اللي يقولون: إنه تستطيع أن تقنع من لا يقنع، تأثر على من لا يتأثر، هذا كلام فيه ما فيه، تستطيع أن تقنع نفسك وأنت جوعان أنك شبعان، أو ظميان ميت من الظمأ تكون ريان، على كل حال لا بد من التمييز الدقيق بين هذه الأمور، وإذا اشتبه الأمر فالأصل المنع؛ لئلا يدخل الدجال والأفاك والمشعوذ والساحر يدخل مداخل ويدعي هذه الدعاوى، يعني إذا لم نستطع أن نقتنع عقلياً من باب الحقائق الواضحة فالأصل المنع سداً للذرائع، سد الذريعة مطلوب، حماية جناب التوحيد مطلوب، بعض الرقاة يزعم أنه إذا رقى المريض، قرأ على المريض ظهرت صورة العائن على صدر المريض، يراها الراقي والمرقي، هل ممكن أن يدرك مثل هذا بمجرد الرقية؟ هل هذا حصل لسلف الأمة؟ أبداً، هذه استعانة، شعر الإنسان أو لم يشعر، في أول الأمر قد تكون إعانة من غير طلب، ثم يستعين فيما بعد، وقد يستعين من غير تقديم شيء، ثم بعد ذلك إذا صار في منتصف الطريق لا يستطيع أن يتقدم أو يتأخر، وصار ذكره في ألسنة الناس، وساد بين قومه بأنه أحرق كذا مملكة جن وشياطين، ومشى على يده مائة مقعد وكذا، إذا وصل إلى هذا الحد لا يستطيع أن يتراجع، قيل له: قرب، أشرك، مثل هذه الأمور لا بد من أن نكون على حذر منها، لا بد أن تكون الاستعانة بالشياطين والاستعانة بالجن ولو كانوا مسلمين ينبغي أن لا يسترسل فيها، ولو منع منعاً باتاً لكان له وجه.
وما بعلة غموض أو خفا ... معلل عندهم قد عرفا
والعلة تحصل في السند، وتحصل في المتن، وتحصل فيهما معاً، العلة الخفية تحصل في السند، كما تحصل في المتن، وتحصل أيضاً في المتن والسند معاً، حديث كفارة المجلس قرر الإمام البخاري أن في إسناده علة خفيت على مسلم، وأدركها الإمام البخاري، وعلة المتن كما يقول الحافظ العراقي:
وعلة المتن كنفي البسملة ... إذ ظن راوٍ نفيها فنقله