أصل الرد، رد المراسيل، صاحب التمهيد نقل عن الأكثر، عن الجماهير أنهم يردون المراسيل، وهذا كله على القول بأن المرسل ما يرفعه التابعي، ومنهم من يرى أن المرسل ما يرفعه التابعي الكبير، وهذا من شروط الشافعي لقبول المراسيل: أن يكون المرسل من كبار التابعين، وأن يكون للمرسل شاهد يقويه من مسند أو مرسل آخر يرويه غير رجال المرسل الأول، أو يعضده قول صحابي، أو يفتي به عوام أهل العلم، ويكون المرسل من كبار التابعين، وإذا سمى من يروي عنه لا يسمي مرغوباً في الرواية عنه، يعني لا يرسل إلا عن الثقات.
القول الثاني في تعريف المرسل أنه: ما لم يتصل إسناده على أي وجه كان، فإذا سقط من أوله قالوا: أرسله فلان، وإذا سقط من أثنائه قالوا: أرسله فلان، إذا سقط من آخره قالوا: أرسله فلان، وكثيراً ما يقولون: أرسله فلان، وأسنده فلان، يعني أن هذا ذكره مسنداً متصل السند، والثاني ذكره على ما فيه من انقطاع، فيشمل جميع أنواع الانقطاع.
"وقل غريب ما روى راو فقط" وهذا كالموقوف يعني أخره عن صاحبيه لعدم ملاحظته الترتيب وإلا فالأصل أن يذكر مع العزيز والمشهور، كما أن الموقوف الأولى أن يذكر مع المرفوع والمقطوع، هنا عرج على ذكر الغريب: وهو ما يتفرد بروايته راو واحد في أي طبقة من طبقات إسناده، وبعضهم وهو أيضاً يفهم من كلام ابن حجر أن تفرد الصحابي لا يسمى غرابة؛ لأن الواحد من الصحابة عن جماعة من غيرهم، ومنهم من يدخل الصحابة فيعم، ويقول: الغريب ما يرويه أو يتفرد بروايته راو واحد، في أي طبقة من الطبقات .. ، رواه عشرة عن عشرين عن خمسة عن واحد عن مائة، هذا يسمى غريب؛ لأن الواحد الأقل يقضي على الأكثر، مثل ما قلنا في العزيز والمشهور، فإن كانت الغرابة في أصل السند جهة، الطرف الذي فيه الصحابي قيل: غرابة مطلقة، وأكثر ما يطلق عليه الفرد، يعني الفرد المطلق، وإذا كانت الغرابة في طبقة من دون الصحابة سميت الغرابة نسبية، والغرائب يكثر فيها الضعيف؛ لأن تفرد الراوي مظنة للخطأ، بخلاف موافقة غيره له مظنة التجويد والحفظ والضبط، أما إذا تفرد به راويه فهو مظنة، ولذا جاء التحذير من الإكثار من رواية الغرائب، نعم في الصحيحين غرائب، لكنها صحيحة ثابتة لا إشكال فيها، والغريب كالمشهور وكالعزيز يقع فيه الصحيح والضعيف والحسن، إلا أن الغرابة مظنة للضعف، والله أعلم.
وصلى وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.