الآية المجملة، فإذا رددنا عليه بالنصوص المحكمة ليس معنى هذا أننا ننقض دليله إنما ننقض استدلاله بهذا الدليل ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ لأنه قد يأتيك مبتدع معه أية، يجيك مثلاً خارجي يكفر بالذنوب، ويستدل بآية القتل في سورة النساء، إذا رددت على استدلاله بالآية ليس معناه أنك ترد الآية، نعم، لكن أنت تجمع باعتبارك من أهل السنة، وأهل السنة وسط، يعني فرق بين من يرى أن القتل لا أثر له كأنه ماهو موجود، وأفسق الناس وأفجر الناس إيمانه مثل إيمان جبريل، يعني فرق بين هذا وبين من يرى أنه يخرج من الدين بمثل هذه الكبائر أهل السنة وفقهم الله -جل وعلا- للنظر في النصوص بالعينين كلتيهما؛ لأن الخارجي ينظر بعين، المرجيء ينظر بعين، أهل السنة ينظرون للنصوص بالعينين، فيعملون بنصوص الوعد، ويعملون بنصوص الوعيد، وبالجمع بينهما يكون المسلك الوسط، فإذا استدل الخارجي بأحاديث الوعيد ورد عليه بأحاديث الوعد ليس معناه أننا نقوي مذهب المرجئة، نعم، ونرد على أدلة الخوارج، وهي من الكتاب والسنة، وقل بالعكس إذا رددنا على مرجئ بأحاديث الوعيد ليس معنا هذا أننا نقوي مذهب الخوارج، وننقض الأحاديث والأدلة والآيات التي يستدل بها المرجئة، فالعالم وطالب العلم هو بمنزلة الطبيب، إذا أراد أن يتعامل مع الناس يكون بمنزلة الطبيب الحاذق، ينظر في المرضى وش المرضى؟ المرضى هؤلاء الذين يحتاجون إلى تقويم ووعظ وتوجيه، إن عرفوا بشيء من الغلو يكثر من أحاديث الوعد، إن عرفوا بالتساهل والتفريط يكثر من أحاديث الوعيد، ولا يشبه في هذا الخوارج، ولا يشبه في هذا المرجئة، بل مذهب أهل السنة وسط بين هذا وهذا، يستدلون بهذا وبهذا؛ لأنك لو جئت إلى مجتمع فيهم شيء من الغلو والتطرف والحرص الشديد، نعم، الحرص الشديد مثلاً تأتي بنصوص الوعيد، وش تسوي بهم هؤلاء؟ هؤلاء تزيدهم من تطرفهم وغلوهم، وهي نصوص قال الله وقال رسوله، وإذا جئت إلى مجتمع تفريط وانصراف عن الدين تأتي لهم بأحاديث الوعد تزيدهم، فأنت بحاجة إلى علاج هؤلاء بما يناسبهم، وأنت بحاجة إلى علاج هؤلاء بما يناسبهم، ويبقى أن المذهب الوسط هو الحق، لكن المسألة مسألة علاج.