فالسند المعنعن محمول على الاتصال عند أهل العلم بالشرطين المعروفين، والخلاف في اشتراط اللقاء، أو الاكتفاء بالمعاصرة، قول معروف عند أهل العلم، منهم من يشترط اللقاء، ومنهم من لا يكتفي بمجرد اللقاء، بل يعرف بطول الصحبة، ومنهم من يشترط أن يدركه إدراكاً بيناً، لكن إذا ثبت أنه لقيه ولو مرة واحدة، والمسألة مفترضة في ثقة لا يدلس حمل حديثه. . . . . . . . . على الاتصال، والخلاف في السند المعنعن والاكتفاء بالمعاصرة أو اشترط اللقاء معروف، ألف فيه الكتب، لابن رشيد وهو إمام في هذا الشأن كتاب اسمه: (السنن الأبين والمورد الأمعن في المحاكمة بين الإمامين في السند المعنعن) فالمستفيض عند أهل العلم، والمشهور عندهم نقل اشتراط اللقاء عن الإمام البخاري وعن شيخه علي بن المديني، ومسلم -رحمه الله تعالى- قرر في مقدمة الصحيح الاكتفاء بالمعاصرة، وشنع وشدد، ورد على من اشترط اللقاء، وقال: إنه قول مخترع مبتدع، الهدف منه رد السنن، وذكر ثلاثة أحاديث لا تروى إلا معنعنة، ولم يثبت لقاء ينقل أنه لقي أحدهما الأخر، على كل حال هذه الأحاديث الثلاثة هو خرجها بالتصريح بصيغة حدثنا، فكون الإمام مسلم يشدد هذا رأيه، أما كونه يقصد البخاري فلا يلزم، لا يلزم أن يكون المردود عليه البخاري في مقدمة مسلم، ولا يلزم أن يكون علي بن المديني، أبداً، إنما المردود عليه مبتدع، يريد أن يستغل احتياط الإمام البخاري في نصر مذهبه، الذي يقتضي رد السنة، نظير ما قلنا في ردنا على المعتزلة، الذين يردون أخبار الآحاد، ويستندون لقول عمر، يعني احتياط عمر محل تقدير، وكل مسلم عليه أن يحتاط للسنة، واحتياط البخاري أيضاً موضع تقدير، فيجب على كل طالب علم أن يحتاط للسنة، لكن استغلال هذا الاحتياط، وتصيد مثل هذا في نصر البدع هو الذي يرد عليه، وأنتم تجدون في أناس وضفوا أنفسهم لتصيد الزلات، فتجدهم يكتبون وينشرون ويبثون لمجرد أن فلان زل في فتواه، أو من باب الاحتياط فيلزمونه بإلزامات يستفيدون منها في تأييد مذاهبهم، فإذا رد الإمام مسلم على هذا المبتدع الذي يريد أن يوجه كلام البخاري، أو علي بن المديني لرد السنة، ورددنا على هذا المبتدع أو رد عليه مسلم فإننا لا