"مشهور مروي فوق ما ثلاثة" المشهور: هو اسم مفعول من الوضوح، من الشهرة وهي الوضوح والانتشار ولذا سمي الشهر بهذا الاسم؛ لأنه يشتهر وينتشر، ويعرفه الناس كل لحاجتهم إلى معرفة دخوله وخروجه، كل الناس يعرفون الشهر "مشهور مروي فوق ما ثلاثة" وهذا تبعاً لما اختاره في حد العزيز، ينبني عليه الخلاف أيضاً في حد المشهور وهو أنه ما يرويه أكثر من ثلاثة، يعني ما لم يصل إلى حد التواتر، مروي أربعة، مروي خمسة، مروي ستة، مروي عشرة ما لم يصل إلى حد التواتر الذي يجد الإنسان فيه نفسه ملزم بقبوله بمجرد سماعه، هذا يسمونه متواتر، وما دون ذلك فهو مشهور إلى أن يصل العدد إلى ثلاثة فيكون عزيزاً على الخلاف فيه، ولا شك أن المشهور الذي جاء بطرق متباينة سالمة من القوادح أنه مفيد للعلم عند أهل العلم، ولو لم يصل إلى حد التواتر؛ لأن هذه الشهرة قرينة على ثبوته ما لم يكن المصدر واحد، بل لا بد أن يكون المصدر متعدد بحيث يكون الثلاثة أو أكثر من الثلاثة على هذا، الأربعة هم الأقل في كل طبقة من طبقات الإسناد، وهذا هو المشهور الاصطلاحي، وهناك مشهور غير اصطلاحي، أحاديث مشتهرة أو مشهورة على ألسنة الناس، على ألسنة العامة، على ألسنة الأطباء، على ألسنة الأدباء، على ألسنة المؤرخين، على ألسنة .. ، قد يوجد الحديث منتشر على ألسنة الناس عامة وهو حديث موضوع، ويدخل فيه ما له إسناد، وما لا إسناد له أصلاً، يعني حينما يقولون في أسبوع النظافة، ينتشر على ألسنة الناس: "النظافة من الإيمان" ويجزمون بهذا، نقول: هذا ليس له إسناد أصلاً، لا يروى بإسناد عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، نعم ((الطهور شطر الإيمان)) والطهور نظافة، وصح أيضاً حديث: ((البذاذة من الإيمان)) الدين لا شك أنه دين نظافة، ديننا -ولله الحمد- دين نظافة، ولذا شرع الاستنجاء، شرع الوضوء، شرع الغسل، لكن لئلا يستغرق الناس في هذا الباب، ويضيعوا أوقاتهم من أجل النظافة، ويبالغوا في هذا، الدين أيضاً دين وسط، يكسر من هذا الغلو في النظافة كما يفعله بعض الناس، بعض الناس يمضي جل وقته من أجل أن يتنظف، إذا دخل المغتسل، المستحم أحياناً يأخذ ساعتين، بعض الناس يأخذ ساعتين، وإذا أراد أن يلبس،