"ولم يعماه" يعني ما عم جميع الصحيح، ولذا الدعوى إلى الاقتصار بالصحيح مع القرآن دعوى غير مقبولة، هناك من يقول: يكفينا الصحيحان، القرآن والصحيحان، وكل دعوى تجد من يتبعها، هناك جماعة يسمون جماعة الاقتصار على القرآن مع الصحيحين، وألف في ذلك: (تيسير الوحيين بالاقتصار على القرآن والصحيحين) لكن هذه دعوى غير صحيحة؛ لأننا بهذا نعطل أكبر قدر من السنة، فصح عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في غير الصحيحين أكثر مما في الصحيحين، ولذا يقول الحافظ العراقي:
ولم يعماه ولكن قلما ... عند ابن الأخرم منه قد فاتهما
فات الصحيحين قليل، "ورد" هذا الكلام ليس بصحيح بل كثير، "ورد لكن قال يحيى البرُ -النووي-، ولكن قال يحيى البر ... لم يفت الخمسة إلا النزرُ"، الخمسة: يعني من الصحيح، الخمسة: البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، هذه دواوين الإسلام الخمسة، قبل أن يضاف السادس، لم يفت الخمسة إلا النزر، يعني النزر القليل من الصحيح، "وفيه ما فيه" وهذا أيضاً كناية عن ضعفه؛ لأنه أيضاً يصفو لنا من مسند أحمد -رحمه الله تعالى- صحيح كثير، لا يوجد في الخمسة، يصفو من صحيح ابن حبان صحيح كثير، لا يوجد في الخمسة، يصفو من صحيح ابن خزيمة كذلك، من مستدرك الحاكم، من سنن البيهقي، من غيرها من الكتب يصفو صحيح كثير في غير الخمسة، "وفيه ما فيه" كناية عن ضعفه، "لقول الجعفي أحفظ منه -يعني من الصحيح- عُشْر ألفِ ألفِ" يعني يحفظ مائة ألف حديث البخاري -رحمه الله تعالى-، لكن قد يقول قائل: وين هاالمائة ألف؟ حديث صحيحة مائة ألف وين؟ أجاب الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى- بقوله:
وعله أراد بالتكرار ... لها وموقوف وفي البخاري
أربعة الآلف والمكررُ ... منها ثلاثة ألوف ذكروا