الظالم، ولا يمكن أن يكون من بعض قبائلنا فيأباه الآخرون فيفسد ذات بيننا ولكنا نأتي تبعًا1 فنملكه علينا. فأتوه وذكروا له أمرهم فملك عليهم حُجرًا ملك كندة. فلما ملك سدَّد أمورهم وساسهم أحسن سياسة وانتزع من اللخميين2 ما كان بأيديهم من أرض بكر بن وائل.
ولَمَّا مات ملك ابنه عمرو إلى سنة 524م ثم الحارث بن عمرو وهو جدّ امرئ القيس وأمه بنت عوف بن محلِّم بن ذهل بن شيبان ونزل الحيرة وكانت فيها النصرانية وبقي عليها.
ثم تفاسدت3 القبائل من نزار فأتاه أشرافهم فقالوا: إنّا في دينك، ونحن نخاف أن نتفانى فيما يحدث بيننا فوجِّه معنا بنيك ينزلون فينا فيكفون بعضنا عن بعض.
وكان للحارث خمسة بنين: حُجر ومعدي كرب الملقب بالغلفاء، لأنه كان يغلف رأسه بالطيب وشرحبيل، وسلمة، وعبد الله. فقرّقهم الحارث أبوهم في قبائل العرب: فملك ابنه حجرًا على بني أسد وغطفان، وملّك شرحبيل على بكر بن وائل وبني حنظلة؛ وملك معدي كرب على بني تغلب وطوائف بني دارم وبني رقية، وملَّك عبد الله على بني عبد القيس، وملَّك سلمة على قيس.
وبقي الحارث مدَّة في ملكه حتى طلبه أنوشروان وكان ينقم عليه لأمر صدر منه أيام والده قباذ. فبلغ ذلك الحارث وهو بالأنبار وكان بها منزله. فخرج هاربًا في هجائنه وماله وولده بالثويَّة. وتبعه المنذر بالخيل من تغلب وبهراء وإياد، فلحث بأرض كلب، فنجا، وانتهب ماله وهجائنه، وأخذت بنو تغلب ثمانية وأربعين نفسًا من بني آكل المرار4 فقتلوهم بجفر الأملاك في ديار بني مرينا العِباديين بين دير هند والكوفة، وفيهم يقول امرؤ القيس أبياته التي مطلعها: