/متن المنظومة/
والخلفُ في قواعدِ التَّرْجيحِ ... والنسخِ والتخصيصِ والتَّصريحِ
كذاكَ ما شذَّ مِنَ الرِّوايَةْ ... ومرسلُ الحديثِ في الدِّرايَةْ
-118- وكذلك اختلافهم في قواعد التعارض والترجيح، فقد يتوهم المرء وجود تعارض بين بعض النصوص، وقد تتعارض النصوص الظنية فعلاً، فلا بد هنا من الترجيح، والترجيح هنا يكون بإعمال أحد النصين، كما يكون بإعمالهما معاً كل في مناطه، وهذه المسائل لا تتفق عليها مناهج العلماء، ويؤدي ذلك إلى اختلاف الاجتهاد. وكذلك اختلافهم في قواعد النسخ، وإعمال المنسوخ، وتخصيص العام وتقييد المطلق.
-119- ومن أسباب اختلاف الفقهاء، اختلافهم في الاحتجاج بالرواية الشاذة من القرآن الكريم، فقد كان بعض الصحابة يكتب في مصحفه كلمات على سبيل التفسير والبيان، فرواها الناس عنه على أنها قراءة، مثال ذلك زيادة ابن مسعود كلمة متتابعات، عقب قوله تعالى: فصيام ثلاثة أيام في سورة المائدة. ومع اتفاقهم على أن القراءة الشاذة ليست قرآناً غير أنهم اختلفوا في الاحتجاج بها. فاختيار أبي حنيفة وأحمد وجوب العمل بها واختيار الجمهور أنها من باب قول الصحابي يستأنس به ولا يجب العمل به.
وأما الحديث المرسل فهو ما رفعه التابعي مباشرة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهو على قاعدة الرواية حديث منقطع، ولكن لما كان الساقط من الرواية هو الصحابي والصحابة كلهم عدول، كان ذلك الساقط ثقة لا يضر الجهل باسمه، ولكن ذلك اختيار الحنفية والمالكية وبعض الشافعية، فيما يرى الإمام الشافعي أن المرسل ليس بحجة وهو في عداد الحديث الضعيف.