/متن المنظومة/
فحصِّنِ اللبابَ بالقُشُورِ ... وذا كمالُ الطَّالبِ الغَيُورِ
وأجدَرُ العلومِ بالإتْقانِ ... فقهٌ مع الحديثِ والقرآنِ
وهذهِ الثلاثُ ليسَتْ تُفهمُ ... بلا أصولِ الدِّينِ ليسَتْ تَعْلَمُ
فكلُّ مَنْ وعاهُ بالإِتْقَانِ ... صارَ إِماماً طيلةَ الزَّمانِ
وجازَ أنْ يخوضَ في التَفْسيرِ ... والفِقْهِ والحديثِ والتَقْريرِ
-27- وهذا عود على بدء، والمراد أن الكمال لا يحصل إلا بعلم القلب واللسان جميعا، فعلم القلب هو الغذاء والزاد إلى الآخرة، وعلم اللسان كالحارس الناهض بحاجة السيد فكل منهما ضروري للآخر.
-28- ولما كان الزمان يقصر عن تحصيل العلوم جميعها فإن العاقل يختار الأهم فالمهم. وقد أفصح الإمام الشافعي رضي الله عنه عن مراتب العلوم بقوله:
كل العلوم عن القرآن مشغلة إلا الحديث وإلا الفقه في الدين
العلم ما كان فيه قال حدثنا وما سوى ذاك وسواس الشياطين
-29- علم أصول الفقه يتناول بشكل رئيس مبحثين اثنين: مصادر الشريعة، وأصول (الاستنباط) ، وبذلك فإنه يكون حاكماً على علم الفقه موجهاً له، مبينا للسبيل التي يجب أن تتخذ في فهم الكتاب والسنة موضحاً سبيل الحق من سبيل الهالكين وبه تعلم أن المعرفة بالعلوم الثلاثة المذكورة: القرآن والسنة والفقه، متوقفة على معرفة علم الأصول كما حددها ورتبها أئمة هذا العلم من خيرة علماء السلف الصالحين.
-3031 فكل من أحاط بعلم أصول الفقه إحاطة تامة بدقائقه وحقائقه صار له الحق أن يدلي بدلوه مع الفقهاء في تقرير الأحكام والاستنباط من الكتاب والسنة. وقد أجمعوا أنه لا بد للمجتهد مطلقاً كان أو مقيداً من معرفة تامة بعلم أصول الفقه.