والحاكِمُ الحقُّ هُوَ الإِلَهُ ... فاحكُمْ بِهِمْ كما أرادَ اللهُ
وربَّما يَظْهَرُ في القرآنِ ... أو في كلامِ السَّيِّدِ العَدْنَانِ
أو في اجتهادِ العُلماء بَعْدَهُ ... فكلُّهم يبيِّنونَ قَصْدَهُ
وجاءَ في قُرآنِنَا مُفصَّلاً ... أجْمَلَهُ الرَّحمنُ ثُمَّ فَصَّلاْ
وجائِزُ إطلاقُهُ أيضاً على ... مَنْ أظهرَ الأَحكامَ أو مَنْ فَصَّلاْ
فالحاكِمُ الفَصْلُ هُوَ التَّشْرِيْعُ ... وذاكَ بعدَ أَنْ أتَى الشَّفيعُ
واختَلفوا قبلَ مجيءِ المُصطَفى ... فقيلَ لا حاكِمَ مُطلقاً وَفَىْ
أمَّا الذينَ اعتَزَلوا فأكَّدُوا ... بأنَّهُ العقلُ كما قَدْ فندُوا
وسَبَبُ الخلافِ أمرُ الحُسْنِ ... والقبحِ في العقلِ فَدعْكَ مِنِّيْ
وهَل يحاسبُ أهالي الفَتْرةِ ... فيهِ خلافٌ هائِلٌ فأثْبِتِ
فالأشعريونَ نفوا تكليْفَهُمْ ... فَهُمْ سواءٌ محسنٌ مسيئُهُمْ
والحُسْنُ والقبحُ مِنَ الشَّرْع عُرِفْ ... وليس بالعقلِ كما بِذَا وُصِفْ
وخالَفَ الجماعة المُعتزلَةْ ... ونُقِلَتْ مِنْهُمْ إِلينا المَسْأَلَةْ
فأوجَبوا تكليفَ كُلِّ عاقِلِ ... حتماً ولَوْ لَمْ يأتهِمْ مِنْ مُرْسَلِ
والحُسن والقبحُ مِنَ العَقْلِ عُرِفْ ... فالشَّرعُ تابعٌ لَهُ ومكتَشِفْ
والماتريديونَ جَاؤوا في الوَسَطْ ... فأوجَبُوا معرفَةَ اللهِ فَقَطْ
وما سوى ذاكَ مِنَ التكليفِ ... نَفَوْهُ عَنْهُمْ.. رحمةَ اللَّطيفِ
وليسَ حُسْنُ الفِعْلِ مارآهُ ... عَقْلٌ.. ولَكِنْ ما أرادَ اللهُ
وهكذَا فكُلُّهمْ قَدْ أَجْمَعُوا ... تكليفَ مَنْ تبلُغُهُ ويَسْمَعُ
واختلفوا في كُلِّ مَنْ لم تَتَّصِلْ ... بهم، نجاةً أَوْ هلاكاً مُتَّصِلْ
كذاكَ إِنَّ العقلَ هَلْ يعتَبَرُ ... مِنْ أُسُسِ التَّشْريعِ أَصْلاً؟.. نظروا
جعلَهُ كذلِكَ المُعْتَزِلَةْ ... رَفضَهُ أهلُ النُّهى والمَسْأَلَةْ