/متن المنظومة/
-21- فهذِهِ الأصولُ والوقودُ ... وغيرُها القشورُ والقُيودُ
-22- فثمرٌ من غير قشرٍ يُتْلَفُ ... والقشرُ دونَ اللُّبِّ بيتٌ أَجْوَفُ
-23- وقيلَ إنَّ كلَّ مَنْ تَحققا ... مِنْ غيرِ شَرْعٍ إنَّما تَزَنْدَقا
-24- وكلُّ مَنْ بالشَّرعِ قَدْ تعمَّقَا ... بلا تحققٍ فذا تَفَسَّقا
-21- ثم أشار إلى أن هذه الحقائق التي تتم بها تصفية القلب والجوارح، من الذكر والخلوة والمناجاة، إنما هي الأصل الذي يرتكز إليه سلوك طالب العلم، وتبنى عليه معرفته وشخصيته، وهي الوقود الذي يغذيه في العلم والدعوة، وما سوى هذا العلم الرباني السلوكي فهو قشور حافظة وقيود ضابطة.
-22- فالمعرفة بالله هي الثمرة التي يقصد العلم من أجلها، ولذلك درج العلماء على تسمية علم السلوك بـ (الحقيقة) وعلم اللسان بـ (الشريعة) وهذه التسمية متفقة مع منهج القرآن الكريم: {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم لعلهم يحذرون} التوبة (9)
فجعل الحذر والخوف من الله ثمرة وغاية للفقه والعلم. وقوله: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} فجعل خشية الله ثمرة رئيسة من ثمرات العلم. غير أن هذه الثمرة لابد لها من قشور حافظة حتى لا يصيبها التلف، كما أن علم اللسان من غير سلوك إنما هو كالبيت الأجوف الخاوي، لا خير فيه ولا نفع منه.
-23، 24- يشير إلى القول المشهور:
(من تشرع ولم يتحقق فقد تفسق، ومن تحقق ولم يتشرع فقد تزندق)
ومعنى ذلك أن من كثر علمه بالشرع ولم يتحقق بالعمل والالتزام بمضمون الشرع في سلوكه فقد فسق إذ لم يعمل بما علم.
ومن اشتغل برعاية باطنه، وعظمت عبادته، وظهرت مكاشفاته، من غير أن يعرف الشرع ويميز ما يحل مما يحرم، فإنه يخشى عليه خطر الانحراف والوقوع في الزندقة.