تُهْدي فيه للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فتَجدُ فيهِ سَمْناً، فما زالَ يُقيمُ لَهَا أُدْمَ بيتِها حتَّى عَصَرَتها، فأتَتِ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "عصرتيها؟ "، قالتْ: نعمْ، قَالَ: "لوْ تَركْتِيها ما زالَ قائِماً".
"وقال جابر - رضي الله عنه -: إن أمَّ مالك كانت تهدي للنبي - صلى الله عليه وسلم - "؛ أي: ترسل.
"في عُكَّةٍ لها سمناً": و (العكة) بضم العين المهملة وتشديد الكاف: وعاء من جلد مستدير مختص بالسمن والعسل، وبالسمن أخص.
"فيأتيها بنوها، فيسألون الأُدم" بضم الهمزة: ما يؤتدم.
"وليس عندهم شيء، فتعمد إلى الذي كانت تهدي فيه للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فتجد فيه سمناً، فما زال"؛ أي: ذلك السمن الذي في العكة.
"يقيم لها أدم بيتها": ببركة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
"حتى عصرتها"؛ أي: العكة.
"فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: عصرتيها؟ ": الياء للإشباع.
"قالت: نعم، قال: لو تركتيها"؛ أي: لو تركت ما فيها من السمن وما عصرتها.
"ما زال" أدم بيتك "قائماً"؛ فإن البركة تترك في شيء ولو كان قليلاً، فإذا تركت فيه كثر ذلك القليل.
* * *
4623 - وقَالَ أَنسٌ - رضي الله عنه -: قَالَ أبو طَلْحَةَ لأُّمِّ سُلَيْمٍ: لَقَدْ سَمِعتُ صَوْتَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ضَعيفاً أعرِفُ فيهِ الجُوعَ، فهَلْ عِندَكِ منْ شيءٍ؟ قَالَتْ: نعمْ، فأخرجَتْ أَقْرَاصاً منْ شَعِيْرٍ، ثُمَّ أخرجَتْ خِماراً لَهَا فلَفَّتِ الخُبزَ ببعضهِ، ثمَّ دَسَّتْهُ تحْتَ يَدِي، ولاَثَتْنِي ببعضهِ، ثمَّ أرسَلَتْنِي إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: