"فقلت: بلى، وكنت لا أثبتُ على الخيل"؛ أي: لا أقدر أن أركب على الخيل.
"فذكرت ذلك للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم، فضرب يده على صدري حتى رأيت أثرَ يده في صدري، وقال: اللهم ثبته، واجعله هادياً مهدياً، قال: فما وقعت عن فرسي بعد، فانطلقَ": فيه التفاتٌ من الحضور إلى الغيبة.
"في مئة وخمسين فارساً من أحمس" بالحاء والسين المهملتين: قبائل من قريش، سموا بذلك؛ لأنهم تحمسوا؛ أي: تشددوا في دينهم، والحماسة: الشجاعة.
"فحرقها بالنار، وكسرها".
* * *
4613 - وَقَالَ أَنسٌ - رضي الله عنه -: إنَّ رَجُلاً كانَ يكتُبُ للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فارتدَّ عن الإِسلامِ، ولحِقَ بالمُشركينَ، فَقَالَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الأرضَ لا تَقبَلُهُ"، فأخبرَنيِ أبو طَلْحةَ أنَّهُ أتَى الأرضَ التي ماتَ فيها، فوجدَهُ مَنْبُوذاً"، فَقَالَ: مَا شَأنُ هذا؟ فَقَالُوا: دَفنَّاهُ مِراراً فلمْ تَقبَلْهُ الأرضُ.
"وقال أنس - رضي الله عنه -: إن رجلاً كان يكتب للنبي - صلى الله عليه وسلم - "؛ أي: يكتب له الوحي، وهو عبد الله بن أبي السرح، فلما أملى - عليه الصلاة والسلام - قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ} [المؤمنون: 12] ووصل إلى قوله: {خَلْقًا آخَرَ} خطر بباله: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 14]؛ تعجباً من تفصيل خلق الإنسان طوراً بعد طور، فأملاها - صلى الله عليه وسلم - كذلك، فقال: إن كان ما يقوله محمد وحياً، فأنا نبي يوحى إلي، فسبقه الحكم الأزلي بكفره.
"فارتد عن الإسلام، ولحق بالمشركين": نعوذ بالله من ذلك.