4611 - وقَالَ أَبُو هُريْرَةَ - رضي الله عنه -: إنَّكُمْ تَقُولُون: أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرةَ عَنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، والله المَوعِدُ، وإنِّ إخْوَتِي مِنَ المُهاجِرينَ كانَ يَشغَلُهُمْ الصَّفْقُ بالأسْواقِ، وإنَّ إخْوَتِي مِنَ الأنْصَارِ كَانَ يشغَلُهُمْ عَمَلُ أموالِهِمْ، وكُنْتُ امْرَءاً مِسْكيناً، ألزَمُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - على مِلْءَ بَطنِي، وقالَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - يَوماً: "لَنْ يَبسُطَ أَحَدٌ منكُمْ ثَوْبَهُ حتَّى أقضيَ مَقالتِي هذهِ ثُمَّ يَجمعُهُ إلى صَدرِهِ فيَنسَى منْ مَقالتِي شيئاً أبداً"، فبسَطْتُ نَمِرَةً لَيْسَ عَلَيَّ ثَوْب غيرُهَا، حتَّى قضَى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - مَقالَتهُ ثُمَّ جَمَعْتُها إلى صَدرِي، فَوالذِي بَعثَهُ بالحَقِّ ما نَسيتُ مِنْ مَقالتِهِ تِلْكَ إلى يَومِي هذا.
"وقال أبو هريرة - رضي الله عنه -: إنكم": خطاب مع الصحابة.
"تقولون: أكثر أبو هريرة"؛ أي: أكثر الرواية.
"عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والله الموعد"؛ أي: لقاء الله يوم القيامة موعودنا؛ أي: مرجعنا إليه، فيظهر عنده صدق الصادق وكذب الكاذب لا محالة.
"وإن إخوتي من المهاجرين": يريد به: أهل مكة؛ فإنهم كانوا أصحاب تجارات.
"كان يشغلهم الصفق"؛ أي: البيع والشراء.
"بالأسواق": قيل للبيعة: صفقة؛ لضرب اليد على اليد عند عقد البيع؛ يعني: كان يمنعهم اشتغالهم بالتجارات والمعاملات عن كثرة ملازمتهم النبي - صلى الله عليه وسلم -.
"وإن إخوتي من الأنصار": يريد به: أهل المدينة، فإنهم كانوا أصحاب زراعات.
"كان يشغلهم عمل أموالهم"، وأموالهم: المواضع التي فيها نخيلهم.
"وكنت امرأً مسكيناً ألزمُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ملء بطني"؛ أي: إذا شبعت لزمته، قيل: المراد منه: امتلاؤه رغبةً وحرصاً في طلب العلم وسماع الحديث