"أَهْيَلَ"؛ أي: سائلاً؛ يعني: ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - تلك الكُديةَ، فصارت كثيباً من الرمل ينصبُّ ويسيل.
"فانكفأت"؛ أي: فانصرفت ورجعت "إلى امرأتي، فقلت: هل عندك شيء؟ فإني رأيت بالنبي - صلى الله عليه وسلم - خَمَصاً"؛ أي: جوعاً.
"شديداً، فأخرجت جِراباً" بكسر الجيم: جلد مُنقَّى عن الشَّعر.
"فيه صاعٌ من شعير، ولنا بُهيمة": تصغير بَهْمة، وهي ولد الضأن، يقع على الذكر والأنثى، وقيل: هي السخلة.
"داجن": وهو ما ألف البيتَ واستأنس.
"فذبحتها، وطحنت الشعير، حتى جعلنا اللحم في البُرمة": وهي القدر من حجر.
"ثم جئت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فساررته"؛ أي: فكلمته سراً.
"وقلت: يا رسول الله! ذبحنا بُهيمة لنا، وطحنت صاعاً من شعير، فتعالَ أنت ونفرٌ معك، فصاح النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: يا أهل الخندق! إن جابراً صنع سُؤْراً"؛ أي: هيأ لكم طعاماً.
"فحيَّ هلا بكم"؛ أي: يا رجال! هلموا وعجلوا إلى الطعام الذي صنع لكم جابر، وهي كلمة مركبة من (حيَّ) و (هل) مثل (خمسة عشر)، ويستوي فيه الواحد والجمع، والمذكر والمؤنث، فإذا وقفتَ عليه قلت: حي هلا، والألف لبيان أن الحركة كالهاء في {كِتَابِيَهْ} و {حِسَابِيَهْ} لأن الألف من مخرج الهاء، ويجوز: (حي هلاًّ) بالتنوين.
"فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تنزلنَّ برُمتكم، ولا تَخبزنَّ عجينَكم حتى أجيء، وجاء، فأخرجتُ له عجيناً، فبصق فيه"؛ أي: رمى بالبزاق في العجين.