لأن تلك المحاربةَ تكون بين المسلمين.
"والزموا فيها أجوافَ بيوتكم، فإنْ دُخِلَ على أحدٍ منكم فليكنْ كخيرِ ابني آدم"؛ يعني: فليستسلمْ حتى يكونَ قتيلاً كهابيل، ولا يكونَ قاتلاً كقابيل.
"صح".
"ويروى: أنهم قالوا: فما تأمرنا؟ قال: كونوا أحلاسَ بيوتكم" جمع: حِلْس، وهو في الأصل: كِساء تحت بَزذَعَةِ البعير، وأحلاس البيوت: ما يُبسط تحت حُرِّ الثياب، ويقال للرجل اللازم لبيته ولا يبرح فيه: هو حِلْس بيته؛ أي: الزموا بيوتَكم ولا تخرجوا؛ كيلا تقعوا في الفتنة.
* * *
4161 - وعن أُمِّ مالكٍ البَهْزِيَّةِ قالت: ذكَرَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فِتنةً فقَرَّبَها، قلتُ: مَنْ خيرُ النَّاسِ فيها؟ قال: "رَجُلٌ في ماشِيَتِهِ يُؤدِّي حَقَّها ويَعبُدُ ربَّهُ، ورَجُلٌ آخذٌ برَأْسِ فَرَسِهِ يُخِيْفُ العَدُوَّ ويُخوِّفُونَه".
"عن أم مالك البَهْزِية - رضي الله عنها - أنها قالت: ذكرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فتنةً، فقرَّبَها"؛ أي: جعلها قريبة الوقوع؛ يعني: وصفَها للصحابة وصفاً بليغاً، فإن مَن وصفَ عند أحدٍ شيئاً وصفًا بليغاً فكأنه قرَّب ذلك الشيءَ إليه.
"قلت: مَن خيرُ الناس فيها؟ قال: رجلٌ في ماشيته"؛ يعني: هربَ من الفتنة ومخالطة الناس إلى بادية بعيدة، ويرعى مواشيَه ويقيم هناك.
"يؤدي حقَّها" من زكاتها.
"ويعبد ربَّه، ورجلٌ آخِذٌ برأس فرسه يُخيف العدوَّ" أراد به: الكفار.
"ويخوِّفونه"؛ يعني: أنه هربَ منها و [من] قتال المسلمين، وقصدَ ثغراً من الثغور يقاتل فئةَ الكفار ويقاتلونه، فبقي سالماً منها غانماً للأجر والمَثُوبة.
* * *