"وعن هلال بن يساف عن عمرو بن راشد عن وابصة بن معبد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد الصلاة" وفي هذا بطلان صلاة الفذ، الذي يصلي وحده خلف الصف؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمره أن يعيد الصلاة، وفي بعض الروايات: انتظره حتى سلم فقال له: استقبل صلاتك، يعني أعد صلاتك.

"رواه أحمد وحسنه، وأبو داود وهذا لفظه، وابن حبان في صحيحه، والترمذي وقال: حديث حسن، وقال ابن المنذر: ثبّت الحديث أحمد وإسحاق" ولا شك أن الحديث صحيح وثابت، وأما الاضطراب الذي قاله ابن عبد البر يقول: في إسناده اضطراب، فانتفى الاضطراب بترجيح بعض الروايات، والمحقق خرج الحديث وذكر روايات الحديث وأسانيده في عشر من الصفحات خمس ورقات، أطال في تخريجه، وأجاد وفقه الله، فيرجع إليه، فعلى كل حال الحديث ثابت.

عمل بهذا الحديث بعض العلماء، وهو صريح في الدلالة على بطلان صلاة الفذ خلف الصف، من أهل العلم -ولعلهم الأكثر- من يرى صحة صلاة الفذ خلف الصف، استدلالاً بأن الإمام يصلي منفرد في صف بمفرده، والمرأة صلت خلف الصف، وأبو بكرة رجع دون الصف، هذه أدلة من يقول بصحة صلاة الفذ خلف الصف، وهل يصلح واحد منها لمعارضة الحديث؟ قالوا: الإمام يصلي بمفرده في صف فليكن الآخر مثل الإمام، قياس مع الفارق، هذا موقفه الشرعي بفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- وتقريره، هذا موقف الإمام، وأما بالنسبة لأبي بكرة فلم يصلِ ركعة فذاً، وأقل من ركعة لا يقال له: صلاة، وأما بالنسبة لموقف المرأة فالمرأة معزولة عن الرجال بنصوص السنة المتكاثرة المتظاهرة، فلا تصف مع الرجال، لكن لو كان صفوف من النساء وجاءت امرأة وصلت فذة وراء النساء، هل يقال: إن صلاتها باطلة كما يقال لرجل صلى خلف الرجال فذاً: باطلة؟ أو نقول: إن هذا خاص بالرجال؟ صلاة الرجل فذ خلف الصف ينافي المشروعية لصلاة الجماعة، والرجل مأمور بصلاة الجماعة، بينما المرأة لو نافى المشروعية من صلاة الجماعة فالمرأة أصلاً ليست مأمورة بصلاة جماعة، فلا تقاس على الرجل في مثل هذا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015