((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)) والمراد أحفظهم مع ضبطه وإتقانه وتجويده وتدبره، هذا أولى الناس بالإمامة، وقال به جمع من أهل العلم، وهو المؤيد بهذا الحديث وبالحديث السابق، ومنهم من يرى أن الأفقه أولى بالإمامة من الأقرأ؛ لماذا؟ يقولون: لأن ما يحتاج إليه في الصلاة من القراءة محدود، وما يحتاج إليه من الفقه في الصلاة غير محدود، فقد يعرض للإمام في صلاته شيء لا يستطيع معه التصرف إذا لم يكن فقيهاً ولو كان حافظاً للقرآن، وأيضاً النبي -عليه الصلاة والسلام- قدم أبا بكر في الصلاة مع قوله: ((أقرؤكم أبي)) والحديث: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)) جاء على الغالب من حال الصحابة أن الأقرأ هو الأفقه، إذ لا يوجد قارئ غير فقيه؛ لماذا؟ لأن طريقتهم في تعلم القرآن أنهم لا يتجاوزون العشر آيات حتى يتعلموا ما فيها من علم وعمل، فكان الأقرأ في عصر الصحابة هو الأفقه، لكن لو تخلف أحد الأمرين، إما أن يكون أقرأ غير أفقه أو أفقه غير أقرأ قالوا: يقدم الأفقه، وهذا قول أكثر أهل العلم، مع أن حديث الباب يرده؛ لماذا؟ لأنه قال: ((فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة)) يعني أكثر فقه الصلاة يوجد في القرآن وإلا ما يوجد؟ لا يوجد في القرآن، فقه الصلاة أكثره لا يوجد في القرآن وإنما يوجد في السنة، فأعلمهم بالسنة هو الأفقه، وفي الحديث: ((أعلمهم بالسنة)) الذي يساوي الأفقه -فقه الصلاة- مؤخر عن الأقرأ، يعني يمكن يتجه قول الأكثر في تقديم الأفقه لو لم ترد هذه الجملة، فالأعلم بالسنة وأحكام الصلاة غالبها في السنة، فالأعلم بالسنة هو الأفقه، فكأنه في الحديث قال: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فالأفقه" وهنا الأعلم بالسنة مؤخر عن الأقرأ.