((تقدموا فائتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم)) يعني ممن يأتي بعد وفاتي يقتدون بالصحابة الذين رأوا النبي -عليه الصلاة والسلام-، يصلي فصلوا كما رأوه ((وليأتم بكم من بعدكم)) يعني في الزمن، أو من بعدكم في المكان؛ لأن بعض الناس من المأمومين لا يرى الإمام، وإنما يرى الصفوف المتأخرة، الصف الأول يرى الإمام فيقتدي بالإمام، الصف الثاني لا يرى الإمام فيقتدي بالصف الأول وهكذا، فيكون كل صف بمثابة الإمام لمن خلفه، وبهذا قال بعض العلماء، يقولون: إذا أدركت الصف الذي قبلك لم يرفع من الركوع أدركت الركعة؛ لأنه بالنسبة لك إمام، ويفهم من هذا الحديث ((وليأتم بكم من بعدكم)) يعني في المكان من خلفكم، فكل صف بمثابة الإمام للصف الذي يليه، وهذا في حالة ما إذا لم يسمع الإمام ولم ير، هذا قال به جمع من أهل العلم، لكن المقرر أنه إذا رفع الإمام انتهت الركعة لجميع المأمومين، انتهت الركعة بالنسبة لجميع المأمومين، وقوله: ((ليأتم بكم من بعدكم)) يعني إذا رأوكم بمثابة المبلغ حال ركوع الإمام لا حال فراغ الإمام من الركوع، والإنسان إنما يعمل بما يبلغه، ما تسمع صوت الإمام ولا ترى شخصه رأيت الذي أمامك ركع الذي أمامك كلهم ركعوا وركعت نعم صلاتك صحيحة، وأدركت الركعة، وأما بالنسبة للواقع هل الإمام ركع أو رفع؟ ما لك دعوة؛ لأنك إنما تكلف بما يبلغك، نعم إذا سمعت الصوت أو رأيت الصورة أنت مطالب بمتابعة الإمام، لكن أحياناً تكثر الجموع، ولا يوجد من يبلغ صوت الإمام، ولا توجد آلات، هل نقول: لا يقتدي بالإمام إلا من يراه؟ لا، يقتدي بالإمام وإذا رفع الناس رفع معهم، بغض النظر عن واقع الإمام؛ لأنه لا يكلف إلا ما يدرك بسمعه، ببصره، بحواسه.
((فائتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم، ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله -عز وجل-)) والجزاء من جنس العمل {جَزَاء وِفَاقًا} [(26) سورة النبأ] {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} [(46) سورة فصلت].
"رواه مسلم".