هذا الحديث يستدل به من يقول بأن الجماعة سنة وليست بواجبة؛ لأن صلاة الجماعة اشتركت مع صلاة الفرد بوصف وهو الفضل، فاق أحدهما الآخر في هذا الفضل، فصلاة الجماعة فاقت صلاة الفذ بهذا العدد واشتركا في الفضل، ولو كانت صلاة الجماعة واجبة لما ترتب على تركها فضل، نقول: هذا الكلام يمكن أن يورد على من يشترط الجماعة؛ لأننا إذا قلنا: إن الجماعة شرط صارت الصلاة دون جماعة باطلة، ولا فضل فيها ألبتة، فيرد عليه الفضل المثبت في هذا الحديث، لكن إذا قلنا: إن صلاة الجماعة واجبة، يأثم بتركها مع أن له فضل لصلاته بمفرده، له فضل من جهة، وعليه وزر من جهة، فالجهة منفكة، يعني هذا يرد على قول الظاهرية أن كل محظور يترتب عليه بطلان، بطلان المنهي عنه، لكن ما يرد على قول الجمهور أنه قد يأتي النهي ولا يقتضي البطلان إلا إذا عاد إلى ذات المنهي عنه أو إلى شرطه أو جزئه المؤثر الركن مثلاً، فإنه يبطل ببطلان هذا الركن، أو ببطلان ذلك الشرط، لكن شخص صلى في بيته أو في محله وعند هؤلاء الذين يقولون بأن صلاة الجماعة واجبة يقولون: له أجر على هذه الصلاة، له فضل، لكن فضل صلاة الجماعة أعظم بخمسة وعشرين ضعفاً، ويبقى أنه ترك ما وجب عليه فيأثم، فالصلاة صحيحة ومجزئة ومسقطة للطلب، ويترتب عليها ثوابها بقدر ما يعقل منها، إلا أنه أثم بتركه ما أمر به من الجماعة من أقوى أدلة من يقول بأن صلاة الجماعة سنة هذا الحديث مع حديث عتبان، أنه استأذن النبي -عليه الصلاة والسلام- في أن يصلي في بيته لأنه كبرت سنه وعمي، فأذن له النبي -عليه الصلاة والسلام- وزاره وصلى في بيته مكاناً يتخذه مسجداً، مع أنه جاء في حديث ابن أم مكتوم على ما سيأتي أنه استأذن النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو رجل أعمى وشاسع الدار، وفي طريقها هوام وأشجار ووادي وليس له قائد يلائمه، فأذن له، فلما انصرف، قال: ((أتسمع النداء؟ )) قال: نعم، قال: ((أجب، لا أجد لك رخصة)) مع أنه أذن لعتبان، عتبان لا يسمع النداء، ومكانه بعيد عن مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني أكثر من كيلوين؛ لأنه بين المسجد وبين قباء، تقدم أن تعرضنا لهذه المسألة في أي حديث؟ لعلنا أعجلناك؟ نعم؟ تقدم هذا حديث