"وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (ص) ليست من عزائم السجود، وقد رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يسجد فيها، رواه البخاري" سجدة (ص) {وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ} [ص: 24] " داود -عليه السلام- لما جاءه الخصمان وفزع منهم، تسوروا المحراب، أمور مفزعة، وهو يصلي، فخر راكعاً، والمراد بالركوع هنا السجود {وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً} [(58) سورة البقرة] يعني ركعاً، فالسجود يأتي بمعنى الركوع، والركوع يأتي بمعنى السجود ((من أدرك ركعة من صلاة الصبح فقد أدرك الصبح)) وفي رواية: ((من أدرك سجدة)) قال الراوي: والسجدة إنما هي الركعة، فالركوع يأتي ويراد به السجود، والعكس: {خَرَّ رَاكِعاً} [ص: 24] يعني ساجداً، هذه السجدة من داود لا شك أنها سجدة توبة أو سجدة شكر، كما يقول أهل العلم، سجدها داود شكراً، وسجدها النبي -عليه الصلاة والسلام-.
"وقد رأيت النبي -عليه الصلاة والسلام- يسجد فيها" امتثالاً لقوله -جل وعلا-: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [(90) سورة الأنعام] سجدها مما يدل على أنه يشرع السجود فيها، وليست من عزائم السجود، يعني لست من السجدات المؤكدة كغيرها من سجدات القرآن، وبعضهم يسميها سجدة شكر، على خلاف بينهم هل تسجد في الصلاة أو لا تسجد؟ هل تسجد سجدة (ص) في الصلاة أو لا تسجد؟ عند الحنابلة لا تسجد، بل العكس لو سجد بعضهم يبطلها، يبطل الصلاة؛ لأنها ليست سجدة تلاوة إنما سجدة شكر، وليست من العزائم، يعني أمرها أوسع، يعني لو سجد ما في إشكال يعني خارج الصلاة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- سجد، ولو تركت السجود لا إشكال في ذلك؛ لأنها ليست من العزائم، وأما في الصلاة فتتقى بقدر الإمكان؛ لأن من أهل العلم من يبطل الصلاة بسجدة (ص)، ولو سجد أحد ما ثرب عليه؛ لعموم: "رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يسجد فيها" فهي من سجدات التلاوة، سواءً كانت شكر أو سجد من العزائم، وهي ليست من العزائم كما نص على ذلك حديث الباب.
"رواه البخاري".