"أما لقد علموا أن الصلاة في غير هذه الساعة أفضل، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((صلاة الأوابين حين ترمض الفصال)) " يعني الموظف والطالب قبل أن يخرج إلى عمله خشية أن تضيع عليه صلاة الضحى يصلي ركعتين؛ لأن وقت النهي قد ارتفع، أو نقول: الأفضل تنتظر حتى ترمض الفصال وتصلي صلاة الضحى في العمل؟ لا، نقول: تصليها في أول وقتها ولا تضيع شيء من العمل الموكول إليك، اللهم إلا إذا كان هناك فرصة تتاح لك نظاماً أن تترك العمل فيها وتصلي هاتين الركعتين، يعني كما هو شأن الطلاب لديهم فرص بين الدروس وبين المحاضرات يستطيع أن يصلي الضحى، فالأفضل أن يؤخروها، وابن القيم -رحمه الله- لما ذكر حال الأبرار وحال المقربين ذكر حالهم في طريق الهجرتين ذكر أن الأبرار إذا ارتفعت الشمس جلسوا في مصلاهم الذي صلوا فيه الصبح حتى ترتفع الشمس، ثم يصلون ركعتين وينصرفون، وأما بالنسبة للمقربين وهم أفضل منهم يقول: "يجلسون حتى ترتفع الشمس، ثم ينصرفون إن شاءوا صلوا، وإن شاءوا لم يصلوا" لأنهم إذا انصرفوا ينصرفون إلى عبادات، وأولئك ينصرفون إلى أعمال، أولئك إن لم يصلوا في مكانهم ما صلوا الضحى، والمقربون إن ما صلوا في مكانهم صلوا في الوقت الفاضل حين ترمض الفصال.
"إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((صلاة الأوابين حين ترمض الفصال)) " صلاة الأوابين هم التوابون الرجاعون إلى الله -جل وعلا-، المحاسبون لأنفسهم النادمون على ما فرط منهم حين ترمض يعني يصيبها حر الرمضاء من شدة الحر وقوة الشمس، الفصال جمع فصيل، وهو ولد الناقة الذي فصل عنها بالفطام، ولا يتحمل مثل ما تتحمل أمه، أو يتحمل الجمل الكبير، لا، لكنه يتحمل أكثر من بني آدم، يعني إذا أصابتهم حر الرمضاء فقد حان وقت صلاة الضحى الأفضل، وهي صلاة الأوابين.
"رواه مسلم".