وهنا قال: "عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يا أهل القرآن أوتروا، فإن الله وتر يحب الوتر)) رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه، والترمذي وقال: حديث حسن غريب، وعاصم مختلف فيه" هناك قال: وعاصم وثقه أحمد وابن المديني وابن خزيمة وغيرهم، وتكلم فيه غير واحد من الأئمة، وهنا قال: وعاصم مختلف فيه "ولقد أبعد من قوى هذا الحديث بقوله بعد ذكره: وعاصم يخرج له الحاكم في المستدرك، فإنه يخرج فيه للضعيف والثقة والمتروك والمتهم" يعني اختلف كلامه على عاصم وإلا ما اختلف؟ نعم فيه نوع اختلاف، قال هناك: عاصم .. ، لما قدم التوثيق وذكر الأئمة الذين وثقوه كأنه يستروح إلى قوته، وثقه أحمد وابن المديني وابن خزيمة وغيرهم، وتكلم فيه غير واحد من الأئمة، وهنا: "عاصم مختلف فيه ولقد أبعد" يعني كأنه يستدل لضعفه "ولقد أبعد من قوى هذا الحديث بقوله بعد ذكره: وعاصم يخرج له الحاكم في المستدرك، فإنه يخرج للضعيف والثقة والمتروك والمتهم" يعني اختلفت لهجة المؤلف في كلامه على عاصم في الموضع الأول وفي الموضع الثاني.
أولاً: الحديثان لهما شواهد لا الأول ولا الثاني، وأقل الأحوال أن يكون الأول والثاني كلاهما من قبيل الحسن، وكثرة الطرق تدل على أن للحديث أصلاً، ما الذي جعل المؤلف -رحمه الله تعالى- يجعل الكلام في هذا الموضع في عاصم أقوى منه في الموضع الأول؟ لأن العلماء إذا نظروا في أحوال الرواة ينظرون إلى المرويات مع رواتها، وهناك يروي حديث: "يصلي قبل العصر أربع ركعات، يفصل بينهن بالتسليم" ... إلى آخره، هذا الحديث حسن، وما فيه إشكال؛ لأنه جاء الحث، له ما يشهد له: ((رحم الله امرأً صلى قبل العصر أربعاً)) وهنا فيه الأمر: ((يا أهل القرآن أوتروا، فإن الله وتر يحب الوتر)) والنصوص تدل على أن الوتر ليس بواجب، ومقتضى الأمر الوجوب.