ضربنا مثال في مناسبات بالمحروم، المحروم حقيقته العرفية عند الناس الذي عنده الأموال الطائلة لكنه لا ينفق على نفسه من هذه الأموال، فهل نقول: إن مثل هذا له نصيب في الزكاة {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [(24 - 25) سورة المعارج] هذه حقيقة عرفية، لكن هل هذه الحقيقة الشرعية؟ لا، ليست هي الحقيقة الشرعية، فإذا مشينا على الحقيقة العرفية وقعنا في مثل هذا الخطأ، وصرفنا الزكاة التي هي ركن من أركان الإسلام في غير مصرفها أعطيناها غني، ونحن نعلم أنه غني، لكن لو لم نكن نعلم أنه غني، سأل وهو غني ولا نعرف، وغلب على الظن صدقه مثل: "لعله يستعف بها ولعله يستغني بها ويرعوي" وعلى هذا لا بد من معرفة الاصطلاحات الشرعية، وكل ما قرب الاصطلاح العرفي سواءً كان العام أو الخاص عند أهل العلم من الاستعمالات الشرعية كان أولى، ولذا تجدون في الاصطلاحات العرفية الخاصة عند أهل العلم نوع من الاختلاف مع الاصطلاحات الشرعية والحقائق الشرعية، تجدون في كل علم نوع اختلاف، لكن أولاها بالاهتمام والقبول ما قرب من الاصطلاح الشرعي، قد يكون للفظة أكثر من حقيقة شرعية كالمفلس مثلاً له أكثر من حقيقة شرعية، جاء الشرع بأكثر من معنى أنه من لا درهم له ولا متاع، ممن يحجر عليه في أمواله هذا مفلس، ومن وجد متاعه عند رجل قد أفلس هذا المراد به، والمفلس من يأتي بأعمال أمثال الجبال أيضاً مفلس، فالحقيقة الشرعية إما أن تكون واحدة للفظ واحد، أو تكون أكثر من حقيقة للفظ واحد، والأكل والشرب له أكثر من حقيقة شرعية، الأصل فيه في الحقائق الثلاث اللغوية والعرفية والشرعية أنه إدخال الطعام إلى الجوف بواسطة الفم، وإدخال الشراب إليه بواسطة الفم، هذا الأكل والشرب، لكن ماذا عن قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((فإني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني)) لو حملناه على هذه الحقيقة لقلنا: إنه غير مواصل؛ لأنه يأكل حقيقة، فهناك أكل حقيقته غير هذه الحقيقة، وهو اصطلاح شرعي، فيكون للطعام والشراب أكثر من حقيقة.