"وعن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- قال: كنا نصلي على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ركعتين بعد غروب الشمس قبل صلاة المغرب، فقلت له: أكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاهما؟ قال: كان يرانا نصليهما فلم يأمرنا ولم ينهنا" وهذا الأسلوب يقال له: التقرير، وهو نوع من أنواع السنن؛ لأن السنة ما أثر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من قول أو فعل أو تقرير، فثبتت هذه السنة قبل صلاة المغرب بتقريره -عليه الصلاة والسلام-، والحديث الذي يليه فيه الأمر بهذه الصلاة قبل صلاة المغرب.
قال: "قال: كان يرانا نصليهما فلم يأمرنا ولم ينهنا" وتقريره -عليه الصلاة والسلام- تشريع بخلاف تقرير غيره؛ لأنه يعتريه ما يعتريه، ولو كان من أفضل الناس وأعلم الناس وأتقى الناس، لا ينسب إليه حكم شرعي بأننا نراه رأى كذا ولم ينكره، أو فعل بحضرته كذا ولم ينكر، بهذا يُرد على من يستدل على تحليل بعض الأمور لأننا رأينا الشيخ فلاني حضر كذا ولم ينكر، فالتقرير شرع إذا كان من النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي لا يمكن أن يقر على باطل ولا يقر على خطأ، أما غيره فتقريره يحتمل أنه سكت درءاً لمفسدة، أو خوفاً على نفسه، أو جلباً لمصلحة أعظم، فلا يكون بذلك التقرير شرعياً، لا يكون التقرير شرعياً، أما تقريره -عليه الصلاة والسلام- فهو أحد أوجه السنن التي ترفع إليه -عليه الصلاة والسلام-، ما أثر عنه من قول أو فعل أو تقرير أو وصف، أوصافه -عليه الصلاة والسلام- سنة، شرع، والمقصود بذلك الأوصاف الاختيارية، أما الأوصاف الإجبارية كونه ربعة هل نقول: السنة أن يكون الإنسان ربعة؟ نعم؟ هل يمكن أن يقال هذا؟ لا، هذا ليس بيد الإنسان، أما المقصود بالصفة التي تنسب إلى الشرع ويقتدى به -عليه الصلاة والسلام- فيها إنما هي الصفات الاختيارية، التي يستطيع الإنسان فعلها ويستطيع تركها.